لنكن بشرا !


فريهان الحسن *

    ليس ثمة داع لإجهاد نفسك والغوص في أعماقها؛ الآن هناك ثمة تطبيق/ جهاز لكشف الحب بالبصمة؛ يزودك “بنسبة” هذا الحب إن وُجد، أو نسبة احتمالية الحب في حياتك.
كما أن هناك تقنية لـ”قراءة الأفكار” من خلال تعابير الوجه، وأخرى تستخدم هذه التعابير والإيماءات لقراءة المشاعر الحقيقية للشخص.
كما لك كذلك استخدام تطبيق جديد يُخبرك عما لا تعرفه؛ الأصدقاء المقربون إلى قلبك؛ من منهم يمنحك السعادة، بخلاف من لا تشعر معهم بالاطمئنان. ومثله تطبيق يقرأ القلب، ليؤدي مهمة اختيار الأصدقاء المفضلين الذين لا يؤذون مشاعرك أو يجرحونها.
وهناك تكنولوجيا لقراءة العواطف في ثماني فئات؛ تتعرف إليها وتحاكيها. هذا عدا عن كمبيوتر يحلل تعابير الوجه ويميز الصادقة من الكاذبة. وجهاز استشعار يوضع على الجلد، يمكنه قراءة تغير المشاعر. 
وأحلامك، أيضاً، صار ممكناً بفضل ماسح دماغي مطور قراءتها وتجسيدها صورا مرئية.
حتى الآن الآلات ستفهمك أو تفهمها وتتفاعلان معاً. فثمة اليوم “روبوت” ذكي بإمكانه التعبير عن المشاعر الإنسانية، وآخر يفهم مشاعرك ويحللها، لكي تستطيع فهم نفسك. كما صارت متاحة تلك السيارة التي تقرأ المشاعر وتسير حسب المزاج. إلى جانب ابتكار تطبيق يقرأ ويحلل ليخبرك بعمر الشخص الذي يتحدث إليك.
وبقي الأهم ربما تطوير أجهزة تكنولوجية حديثة تعين المرأة على مراقبة تصرفات الزوج واكتشاف خيانته!
تلك فقط بعض عناوين منشورة هنا وهناك، تبشر بتطورنا. بل إن بعضا من تلك التقنيات صار بين أيدينا فعلاً. لكنه تطور يستدعي التساؤل: هل أوصلتنا التكنولوجيا إلى هذا الحد؟! 
فحينما يصل الأمر إلى استخدام جهاز يكشف احتمالية الحب في حياتنا، وآخر يختار لنا أصدقاءنا المفضلين ويقربهم لنا.. فإننا بذلك أصبحنا نعيش في عالم “جديد” يفكر عنا، فيسلبنا إرادتنا ومشاعرنا معاً ، والأهم يسلبنا انسانيتنا التي تنحو دائما للخطأ لكي تراكم التجربة، ونتعرف على الصحيح والحقيقي.
أجهزة وتقنيات وبرامج وروبوتات ذكية، ترى وتتكلم وتسمع وتشعر، وتقيّم وتحذر وتتحرك، وتقيس الحب، وتقرأ الملامح أفضل منا!.. ربما تكون هي أعز أصدقائنا، لأنها تنفذ رغباتنا وتفهمنا، وهي بالتالي لا تخيب ظننا!
لكن ما الذي سيتبقى في وجداننا بعد كل ذلك؟!
حروف صماء خالية من المشاعر والعواطف.. أم أحاسيس يحددها عصر “الديجتال” الذي يرتبط بآلات وتقنيات وتكنولوجيات أصبحت بديلا عن أحبتنا، وهي بالتالي بديلة لنا، مع سبق الإصرار والترصد؛ تضحك وتحب وتكره وتبكي وتغضب وتصرح بمشاعرها عنا.. فأصبحنا بلا معنى ولا طعم وخالين من إنسانيتنا.. بعد أن صارت تلك الآلات تتخذ القرارات نيابة عنا وتسير أمورنا، فتجعلنا أصحاب ذكاء اصطناعي، بسببه نكون متشائمين أو متفائلين.. اصطناعياً!
الماكينة البشرية في تراجع أمام الماكينة التكنولوجية، فهل نغلق قلوبنا وأرواحنا ونسير بلا أي مشاعر؟!
صحيح إننا في كثير من الأحيان، لا نستطيع أن نفهم أنفسنا أو نفسر خياراتنا، ولكننا، بالتأكيد، لا نريد أن نكون آلات لا تخطئ !
آرجوكم! اتركوا لنا بعض الحرية في الوقوع بالخطأ، فنحن بشريون.. ولا يعيبنا ذلك كثيرا..

* إعلامية من الأردن
( الغد )

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *