عن اليمامة و العين والزعتر والأسئلة !!


*ماجد شاهين

( ثقافات )

لا ينفع ُ أن نقتحم فضاءات الأشياء بالأسئلة ، في الأحيان كلّها ! 
و قد لا نجد مذاقا ً للسؤال أو رائحة حين لا يكون في أوانه أو مطرحه .. و قد نودي بفكرة طيّبة حينما نخنقها في سؤال أو نحاصرها بــ ِ عيون متفحّصة .
___
كنت ، في غير مرّة ، و بــ ِ نيّة الطامح إلى استزادة و شوق و الطامع في أن أصوغ جملة ً مبهجة عن أسئلة عديدة ، طرحت غير سؤال عن حال تتلازم فيها أشياء و مفردات ، شيئان فأكثر أو مفردتان ثنتان فأكثر ، ولا تتشكّل الحال في أوجها و بهجتها في غياب مفردة أو في نقص شيء .
.. و كنت ُ ، و في ساعة عند طلوع شمس أحد الأيّام ، ونشرت صورة دالّة إلى الأمر قبل سنتين ، بعد نهوض واستيقاظ الشمس من نومها و تحرّرها من حرير الليل ، جلست ُ إلى طاولة عتيقة تحمل فوقها أدواتي الصغيرة و عبوات دواء لزوم استخدامي وتناوليّ اليوميّ و أوراق و سواها ، و أخذت أتناول ما أشتهي دائماً ً ، خبزا ً ساخناً أغمّس لقمه في زيت الزيتون و أنقلها إلى صحن الزعتر ثمّ ، كما يفعل كلّ الناس ، أدسّها في فمي ، وهكذا إلى أن ألتهم حصّتي المُشتهاة .
حينها ، نهض سؤال ٌ مدهش ٌ و تحرّك في ذهني و خرج على شكل صوت وكلام وكتابة : لماذا يؤكل ُ الزعتر بالزيت ؟ أما ينفع أن يُتَناوَل الزعتر بالماء أو باللبن أو بسائل آخر غير الزيت ؟ 
كان السؤال ساذَجا ً ، لكنه حمل قيمة ً لها علاقة بالأحوال المتلازمة والأشياء المتلازمة ، والتي لا تنفع عنها ومعها كثير الأسئلة .
.. لا ينفع أن نفسّر علاقة الزيت بالزعتر ، فالذي ندريه أن الذوق الآدميّ والذائقة استطابا طعم الزعتر بالزيت منذ زمن ٍ بعيد و تدرّب المرء على ذلك و بخاصّة لأن ّ الزيت ( دمع الزيتون و خلاصة وجدانه و روحه ) و الزعتر مادتان / نباتان ينتميان إلى الأرض و يصعدان من تربتها .
___
تماما ً ، لا ينفع أن نبحث عن إجابة عن مثل هكذا سؤال ، وربّما لا ينفع أن نطرح السؤال من أساسه ، فكيف يخطر في البال أن نعكّر صفو المذاق ونسأل عن أسراره ؟
تماما ً ، مثلما لا ينفع أن نسأل عصفوراً : لماذا يزقزق على هذا الغصن ويترك ذاك ؟
تماما ً ، مثلما لا ينفع أن نسأل عينا ً :لماذا تُدهش ُ ممّا تراه هنا ولا تُدهَشُ عند الذي تراه هناك ؟
تماما ً ، مثلما لا ينفع أن نسأل العاشق : لماذا رقّ قلبه عند التفاتة هنا و لم يحدث الامر في مكان آخر أو التفاتة أخرى ؟ 
تماما ً ، مثلما لا ينفع أن نسأل : لماذا تخرج ” الدندنة ” بصوت المشوق ِ على حين سهو ٍ و استذكار ؟
تماما ً مثلما لا ينفع أن نسأل قرنفلة : لماذا ذبُلَت ْ حين غابت رائحة الجار ؟
تماما ً مثلما لا ينفع أن نسأل دمعة ً : لماذ سُحّت من عين ٍ مكلومة أو مشوقة ؟
تماما ً 
تماما ً 
تماما ً 
لا ينفع 
لا ينفع 
ولا ينفع ولا ينبغي أن نسأل : لماذا تخرج الأوف ونصدح بها حين نسمع غناء شجيّا ً ؟
ولا ينفع أن نحشر يمامة ً ونسألها : لماذا تحطّ هنا على نافذتي ولا تحطّ هناك .. أو لماذا تطيب لها ماء نافذة هناك ولا تُستطاب لها ماء هنا ؟
___
هكذا ، كان دائما سؤال الزيت والزعتر والخبز الساخن و النهارات الأولى واليمام و الشبابيك ، و كنّا نسأل فنتعثر بنا ونتعثّر بالسؤال ، فيغيب اليمام .
___
لا ينفع أن نسأل العين عن حزنها ، مثلما لا ينفع أن نسأل الوجنة َ عن تورّدها !!

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *