في حَضْرة العام العَليل……


*محمد شاكر

( ثقافات )

كمْ يَلزمُني مِن خيْط أبيضٍ
كي أرتق مِزَق الضَّوْء الشَّحيحة فيك
أيُّها العام العليلْ
ألـْبَسُني في قَـرِّ أوْقاتِك الأليمة 
أُداري عَراء الإنسان
في صَحارى بُؤْسِه الكَليم.ْ 
خُيوطُ المَحبَّة عَزَّتْ
في ليْل عُزلتِك الطويلْ
ماذا يَبقى مِن قـُمَّاشة عُمرك 
في دولاب ِ تاريخ غَريب
أباهِي بها
حَرير أمْس جَميل 
كمْ يَلزمُني مِن خيْط أبْيض
كي لا أفْقِدني
في رُكام الشُّروخ التي 
تَعلو على رغبة الأحلام……؟
………………………
يَغُضّ الشِّعر بَوْحَه هذا اليوم
ريْثما يَعْبر مَوكبُ العام القديم 
إلى مَثْوى نِسْيانِه
تَنْفَضُّ مِن حَوله..خَطاياهُ
في اتّجاه مُعاكسٍ
لِمَقبرة الآثام
وحْدها سيرةُ الدَّم 
تَحرسُ شاهِدة القبر 
وتُفشي…
مَواجع طِفلٍ
ورَميم أحْلام
وحشرجة
تُوارب ألْفَ قلب مُسْتَضامْ
………………………..
أسْتثنيكَ، أيّها العامُ
مِن تَقْويم الأرض
وِرهانِ الشِّعر
ورَغائِب السَّلام 
حَتى لا أخَيِّبَ أمَلَ اللسانْ
فِي فَرَح إنْساني
تَجْري بهِ ريحُ اسْتعاراتي
رُخاءً
إلى زمنٍ آمِنٍ 
يَرشُد فيه الإنسانْ 
أسْتثنيك…
ليبْقى حَبلُ الوِدِّ مَوْصولا 
بـِسفائِن الأمامْ
……………………..
تَنصرمُ، الآن، أيها العام
وعلى قـُمصانكَ دمٌ . .فاجع اللون
مِن عـُبوركَ التـَتـريِّ 
وجَحافِل العُميان
أسْتثني ذِئبَ الفَلوات
لأنَّ الجُرم إنْساني
لا يَنْفكُّ عَنه وَجَعٌ
وشُروخُ صِلاتْ
لا يَرْأبُها…
نَدَمُ الجاني
ما أوْجَعَني
في يَدي ورْدٌ ذابـِلٌ
لمْ يُوقِفْ 
جائِحةَ الأضْغانِ 
وفِي القلب نبْضٌ خافِتٌ 
يُداسُ…
بـِمَنْسِم حِقـْدٍ 
وأطْماع سُلطانِ 
انْصرَم العامُ
وفي الرُّوح نَقـْعُ غُبار
وصَدى صَليل
وقـَرْع أحْزان
……………………………
ها نحن نَدلق آخر السَّاعات الراسبة في قاع العام…لأن أعْوامنا ، تُجازف برأسها أولا، فتتدحرج كما أحجار شاحنة، سريعة الإفراغ
……………….
رأس السنة القادمة ..كيف يكون.؟.. هل يَرث كل نُذوب أبيه..وأقنِعته البشعة، ورَغْبتهِ في الإفزاع ..وسكاكينه التي تُريق دمَ الأحلام.
…………..
عامٌ هَلْ أسْتثنيه مِن ذاكرة الحِساب الإنساني؟ أعوِّضُه بصبْر جَليل، ..وكيف أجْثث جُذور ألمِه العَميق، من أغوار الرُّوح..؟
………………………..
عام بأقْسى ما تَحْتملُه البَشريةُ من جُنونٍ..انتهاك لكلِّ جميل ، طيب، وكريم، يَحفظ ماء وجْه الحياة
“هولاكو” الأعوام…وهاوي الخَرابات الفادحة
يمشي على جُثث الحَياة..ليَعْبر إلى سوْءة التَّقويم
…………………………………………….
لماذا لم تَخْتر سوى أصْحاب الأرواح العالية ..والرِّقة الإنسانية..؟ 
وتركت لنا أجْلافَ الضَّمير
ومصاصي دِماء الأبْرياء؟
……………………..
قد أتغاضى عَن كثيرا من سَوْءاتك أيّها العامُ المُتصرِّم مِن بيْن أصابع العُمر.. لكني أتجَرَّع على مَضض ما فجعْتنا به من سُقوط رهيب، لأصفياء على القلب..طالما جَمَّلوا حياتنا بكل نبيلٍ..وحَرسوا بابَ إنسانيتنا..من “غول القبح، وطُغمة التَّدْجين
قصر السوق
محمد شاكر
بداية 2015

شاهد أيضاً

كأس وظلال

(ثقافات) كأس وظلال عبد القادر بوطالب تلك الظلال التي طوت تفاصيل أجفاني سارت خلفي ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *