نزَقٌ معـتَّـق


*سعيدة تاقي

( ثقافات )

احتسى فنجانه ببطء شديد و متعمَّد.. لا يمكنك أن ترتشِف قهوة الصّباح على عجل. سيضيقُ اليومُ بما يحمِلُه من مشاريع، يُدرِكُ ذلك جيدا.. لكن ليس في الوُسعِ فنجانٌ مرٌّ آخر بكل هذا الصّباح المعتّق. لم ينم جيداً.. و لا يذكرُ من خيالات الأمس إلا صوتها و هو يهمِسُ له “أحبُّكَ”.. الذاكرة انتقائية بامتياز.. لكن الفرح بدوره طيفٌ زائرٌ، يرتقب فراغ الأفق من أي رقيب للعتمة ليحلَّ ثمَّ يرتحِل.
لم يشاطرها الهمس ذاته، كان قد كفاها حبّ يومها بألف شهقة و شهقة، فلم يعُـدْ لانعطافات الأحرف الخمس و هي تتلوّى بِاسْم الحبِّ، أي جدوى.. كان يريدها أن تفكِّر على ذلك المنوال.. لكنه لم يكن في واقع الأمر يرتـدي تلك الأفكار كثيراً.. كان يحبُّ أن يكون عاريــاً أمـام نفـسه أكثر من اللازم، و يمـتـشـق خـزانـات أزيـائـه المخـتـلـفة وفـق أهـوائـه و مقاسات النزوات التي يبـدِعُها بـنزق.
عبَّ باقي رشفات البنّ المعتَّق.. لم يعُد في الوُسعِ فنجانٌ آخر.. لقد أطلّ الصُّبح و نضا عنه استعارات الليلة الأخيرة.

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *