جائزة الطيب صالح الروائية تحجب جائزتها هذا العام


*محمد نجيب محمد علي


قررت لجنة مسابقة الطيب صالح للإبداع الروائي في دورتها الثانية عشرة حجب جائزتها لهذا العام وذلك لأول مرة في تاريخها.
وجاء الإعلان عن هذا القرار في مؤتمر صحفي عقدته لجنة المسابقة في مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم. غير أن اللجنة منحت جائزتها التقديرية الوحيدة للروائي والقاص أحمد الجالي أحمد الشهير في الأوساط الثقافية السودانية بأحمد أبي حازم عن روايته (ساحة الدهماء). 
ويعد أبو حازم أحد أميز كتاب القصة القصيرة إذ سبق له الفوز بالمركز الأول للقصة القصيرة في جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي التي ترعاها شركة الهاتف السيار (زين) عن مجموعته القصصية (يناير بيت الشتاء).
وطرحت اللجنة في حيثياتها عدة تساؤلات حول النصوص الروائية التي تقدمت للتنافس هذا العام، وما إذا مثلت هذه الأعمال خروجا صريحا عن الكتابة السردية المستقرة في نهجها وموضوعاتها.
وأوضحت اللجنة أن النصوص المستبعدة لم تستطع التفاعل الإيجابي بينما طرحته وبين بنية المجتمع بتجاوز المعطيات التاريخية كأنماط وعي وقيم تتجلي من البنية الاجتماعية.
وذهبت إلى القول إن الأصل في ممارسة العمل الروائي هو محاولة نقد المسلمات والموروثات وخلق معيار جديد للممارسة الأدبية يعتمد الخبرة والوعي والتجربة الفردية. 

ساحة الدهماء 

أشارت اللجنة إلى أن رواية (ساحة الدهماء) تميزت بلغة رصينة، واستطاعت رسم وتصوير المشاهد بصورة مقنعة وشائقة.
وأضافت أن “فضاء الرواية هو قاع المدينة حيث يجوس السوقة يؤلفون خلايا سرطانية للشر والوجع المستديم، وأن الكاتب رسم صورة روائية متكاملة لشذاذ آفاق ولصوص ودجالين يستحلبون فساد الأمكنة لإفساد البشر”.
وأضافت أن الكاتب “تميز أسلوب سرده بالانفتاح على مستويات زمانية ومكانية متباينة تتمازج بأناقة تفصح عن مكونات حياة النص”. ولفتت اللجنة إلى أن “هذه الرواية لم تخل من شخوص متماثلة ومتشابهة وسير جانبية توطن ما تم توطينه ولا تساند الحدث”. 
حجب الجائزة 
يقول عضو لجنة التحكيم هذا العام الروائي والقاص محمد خلف الله سليمان للجزيرة نت إن حجب الجائزة لم يكن قدحا في المتقدمين، ولكن الأعمال التي تقدمت للمنافسة لم تستوف المعايير التي وضعتها اللجنة.
وأبان أن هذه الأعمال قد تجد الاحتفاء في أفق آخر، “فهناك دوما متلق احتمالي، كما أن بعض الروايات تم حجبها عن المنافسة لتعجل أصحابها نشرها في مواقع إسفيرية”.
ويذهب أستاذ الفلكلور والنقد الأدبي بالجامعات السودانية، البروفيسور محمد المهدي بشرى إلى أن اللجنة مع كفاءتها إلا أنها أخطأت في حجب الجائزة، موضحا أن الجائزة تشجيعية لتحفيز المبدع في المقام الأول، وأن أهم ما فيها نشر العمل الفائز والمساهمة في التراكم السردي لذلك فإن الحجب يضع تقليدا سالبا لا يشجع على المشاركة.
غير أن أستاذ النقد والأدب العربي بالجامعات السودانية، البروفيسور عبد الله حمدنا الله، له رأي مخالف إذ يرى أن حجب الجائزة “تقييم نقدي موضوعي للأعمال المقدمة التي لم تستوف معايير الجائزة، ومن أجل الاحتفاظ بمستوى الجائزة الذي ظل ملازما لها على مدى سنواتها السابقة”.
ويؤيد الدكتور مصطفى الصاوي -أستاذ النقد والدراسات الأدبية- هذا الطرح مبينا أن حيثيات اللجنة والشهادة التقديرية تعد تحفيزا لا يقل أثره عن الفوز وهو ما يرفع سقف الجائزة ويمضي بها نحو آفاق قصية من الإبداع السردي، على حد قوله.
وفي إفادته للجزيرة نت، عبّر الفائز بالجائزة التقديرية الروائي أحمد أبو حازم عن عظيم سعادته بهذا التقييم الذي يعطيه مساحة لإعادة النظر في كتابة الرواية، إذ إن حجب الجائزة من العلامات المفيدة لأي كاتب، وأن فوزه بالجائزة التقديرية يحمل تقديرا لما بذله من جهد في هذا العمل.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة التحكيم قد تكونت من الباحثة الأكاديمية والناقدة الدكتورة نعمات كرم الله والمخرج السينمائي إبراهيم شداد والروائي والقاص محمد خلف الله سليمان.
وقد جاءت فكرة جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي من أصدقاء الأديب العالمي الراحل الذين تجمعوا العام 1999 لتكريمه وشراء منزل له بالخرطوم إلا أنه اقترح على لجنة تكريمه إقامة جائزة تهتم بالرواية لتشجيع الكتاب السودانيين.

_____________

*الجزيرة

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *