سعاد الصباح .. امرأة ثائرة في زمن الكآبة


*حوار: الشريف منجود

عندما نحاور الدكتورة سعاد الصباح، فإننا نحاور شاعرة امتلكت أدوات اللغة وأسندت أحلامها إلى الشعر تناجيه عبر خمس عشرة مجموعة شعرية، وكذلك فإننا نحاور باحثة في علم الاقتصاد والعلوم السياسية، وهي أيضا الناشطة الثقافية التي تساند العديد من المبدعين الشباب من خلال مؤسستها “دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع” ومن خلال جائزتها التي تنعش الحركة الثقافية والإبداعية.

كما أننا نحاور المناضلة الحقوقية التي تشترك في أكثر من ثلاثين جمعية ومنظمة حقوقية تسعى إلى حرية المرأة والمساواة. فكم هو صعب أن تكون بداية الحوار. لكن اجعلينا نبدأ من حيث بدأ مشوارك وهو مع الشعر.
• ماذا قدم لك الشعر عبر مشوارك الحافل؟ بل وماذا قدمت أنت للشعر؟
ـ الشعر كان هو البساط السحري الذي طرت به إلى متعة المجهول. وما قدمت للشعر أكثر من إحساس صادق مشغول بذهب الكلمات.
• “الحب والحرية” محورا مشروعك الشعري والنقدي فهل ترين أن هذا زمن للحب أم زمن النفط؟
ـ مهما بلغ تلوث النفط، فإن غيمة واحدة تهطل قادرة على إعادة الحياة إلى توازنها. يبقى الحب هو الشجرة عميقة الجذور الضاربة في الأرض الشامخة في السماء، ونحن عصافيرها.
• يحمل أحـد دواوينك عنوانـا متمـردا وهو “القصيدة أنثى والأنثى قصيدة”، وآخر “في البدء كانت أنثى” كيف ترين ذلك؟ ما علاقة المرأة بالقصيدة؟
ـ وهل المرأة إلا قصيدة مكتوبة على بحر الخبب.
• لك بحث في “دور المرأة في الاقتصاد” فما هو الرابط بين المرأة والاقتصاد من وجهة نظرك؟
ـ لا مرأة ولا رجل.. العقل هو المحكمّ الرئيس في هذا الأمر .. كل صاحب علم . يكون له يد .
• تقولين في إحدى قصائدك:

هل تستطيع المرأة

في زمن الاحباط والكآبة

أن تدعي الكتابة

وكل شيء حولها مذكر

السيف في قاموسنا مذكر

والفكر في تاريخنا مذكر

والشعر في آدابنا مذكر.

..هل هو اتهام لتاريخنا العربي بقهره للمرأة؟
ـ ليس اتهاماً .. بل هو واقع. هي صفعة تاريخية تلقتها النساء العربيات .. وقيدت الجريمة ضد مجهول.
• وهل مشكلة المرأة في عالمنا العربي هي الثقافة الذكورية التي تحيط بنا فقط أم عند المرأة مشكلة في ذاتها؟
ـ الاثنان معًا، فعقليّة التحجّر وضعت المرأة في القفص. وكثير من النساء ترفض أن تخرج من ذلك القفص.
• في أحد أبياتك الشعرية تربطين الديمقراطية بأن تعبر المرأة عن حبها دون أن يقتلها أحد. فماذا عن الديمقراطية في العالم العربي وأنت شاهدة على الحراك السياسي العربي منذ الناصرية وحتى اليوم؟
ـ سأظل أبحث عن ديمقراطية لا تلقي القبض على قلب ينبض بالحب .. ولا تتهم عاشقة بالجرم المشهود لأنها كتبت رسالة حب أو أفشت اسم حبيبها للورد.
• بمناسبة ذكر الناصرية، ما هي علاقتك بأسرة الزعيم عبدالناصر؟ وماذا تودين أن تقولي لعبدالناصر الآن عن حالنا العربي؟ خاصة في تلك الفترة التي تشرذم فيها الرأي العربي وتحزبت دول على أخرى.
ـ علاقة أسرة .. وعلاقة فكر.. وعمر موزع على خارطة الأحلام. رحيل جمال عبدالناصر .. لم يكن رحيل رجل .. بل رحيل فِكْرَة.
• كباحثة في الاقتصاد والعلوم السياسية، ما رأيك فيما يسمى الربيع العربي الذي حدث في مصر وتونس واليمن؟
ـ من كان يعتقد أنه سيقطف ورد الربيع .. وجد نفسه ضحية الشوك.
• رفض الشاعر أدونيس أن يسمى ما يحدث بالثورات، وردد أنه لا يناصر ثورة تخرج من مسجد. فما رأيك في ذلك ورأيك في سيطرة التيارت الدينية على الحكم؟ وما يحدث في سوريا اليوم وفي مصر وفي تونس؟
ـ لا يهم من أين انطلقت الثورة .. المهم أين ستصل.
• سيدتي الشاعرة بما أنك صاحبة دار نشر كبرى فما هو تقييمك لحركة النشر في العالم العربي اليوم؟
ـ أرى اللغة العربية حزينـة .. دامعة العينين .. تجّمع حولها أولادها الحروف في مشهد جنائزي.
• إلي أين تتجه الثقافة العربية اليوم؟
ـ لا أحد يعرف .. فكأن القطار أصيب بسكتة فكرية. وظل القطار يسير بسرعة جنونية إلى (لا اتجاه).
• تذكرين أن ذاكرتك عبارة عن بازارات بها جميع أنواع القراءة والكتب، فما هي الموضوعات الملحة التي تنصحين الشباب اليوم بقراءتها لبناء هويتهم وشخصيتهم؟ وما هي تلك الكتب التي بنتْ الدكتورة سعاد الصباح؟
ـ الكتب التي أحبها .. والكتب التي لا أحبها، كلها كانت جزءاً من ثقافتي. القراءة .. حياة، ولا أتصور حياة خالية من أنفاس الكتب.
• علاقتك بالشعراء من أبناء جيلك والأجيال المتعاقبة فما هي الأسماء التي تودين ذكرها اليوم وعلاقتك بها؟ وأين هي المرأة الشاعرة في خريطة الشعر العربي الآن؟
ـ علاقة ممتدة من جيل إلى جيل. أحب التواصل مع كل الأجيال.. على الأديب أن يكون شاهداً على زمنه مؤثراً فيه.
• سيدتي الشاعرة ماذا تريدين أن تقولي للقصيدة العربية الآن خاصة في وقت الصراع القائم بين قصيدة التفعلية وقصيدة النثر؟
ـ أصبح صراع القصيدة مع واقعها .. فإما تكون صورة له .. أم شكلاً مزوراً منه.
_______
*ميدل إيست أونلاين

شاهد أيضاً

أبورياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع لإنارة الطريق

الأديب موسى أبو رياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *