نيرودا و لوركا ..


يوسف أبو لوز*

أشاهد سيل الجماهير التشيلية التي خرجت للشوارع في مشهد احتفالي مجنون بعد فوز منتخبها على إسبانيا، وأرجع إلى الوراء بخطى بطيئة إلى شاعر تشيلي الكبير “بابلو نيرودا” . . هل قلت شاعر تشيلي . . لا إنه شاعر الإنسانية الحالمة بالحب والعدل والحرية . الإنسانية الحالمة بالفوز بالجمال . وهذا الفوز بالجمال يتمثل، إذا شئت بصورة هذه الجماهير الملونة . نعم إنها جماهير ملوّنة مزهرة . شابات وشباب مندفعون إلى البهجة البشرية القصوى . هذه البهجة التي صنعتها الكرة، ولم يصنعها الاقتصاد أو السياسة في بلد نيرودا، ولكن مهلاً هذا الجيل الكروي التشيلي كان أجداده وآباؤه من رفاق صاحب “أعترف بأنني قد عشت”، وإذا لم يكونوا من رفاقه، فهم بالتأكيد من قرائه .
لاعب “كرة” آخر بابلو نيرودا، ولكنها كرة من الحبر والورق، وإذا كانت التشيلي قد فازت على إسبانيا، ففي مذكرات نيرودا فصل بعنوان “إسبانيا في القلب”، وإذا قلت إسبانيا فهذا يعني أنك قلت “فيديريكو لوركا” شاعر الفجر الذهبي والغجر ودماء الثيران المصروعة بالسيوف، وهذه حوارية بين نيرودا ولوركا في إحدى الندوات التي جمعتهما . قل إنها حوارية بين تشيلي وإسبانيا . . بعيداً عن كرة القدم:
* نيرودا: فيديريكو وأنا، مربوطان بسلك كهربائي . سوف نتناول كي نجيبكم عن هذا الاستقبال الحار .
* لوركا: إنها لعادة نبيلة في مثل هذه الندوات أن الشعراء يعرضون كلمتهم الحية سواء أفضية كانت أم خشبية، ويحيّون بصوتهم الخاص زملاءهم وأصدقاءهم .
ويمضي الشاعران في هذه الحوارية حول صديقهما الشاعر النيكاراغوي روبين داريو:
* نيرودا: أين هي في بوينس أيرس، ساحة روبين داريو؟
* لوركا: أين هو تمثال روبين داريو؟
* نيرودا: لقد كان يعشق الحدائق . فأين هي حديقة روبين داريو؟
* لوركا: أين هو حانوت الزهور والورود باسم روبين داريو؟
* نيرودا: أين هي شجرة التفاح وتفاحات روبين داريو؟
* لوركا: أين هي اليد القطعاء . . يد روبين داريو؟
كرة قدم من نوع آخر بين لاعب من تشيلي، ولاعب من إسبانيا . . ولكن بلا دموع في مدريد . . وبلا صخب مجنون في سانتياغو .


* شاعر من الأردن يعيش في الشارقة
( الخليج)

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *