كل ما لا تعرفونه عن «كان»!


*إبراهيم حاج عبدي

مع انتهاء النسخة السابعة والستين من مهرجان «كان» السينمائي، سيكون المشاهد العربي عرف كل شيء عن هذا المهرجان العريق، بدءاً من رقصة نيكول كيدمان في حفلة الافتتاح مروراً بفستان السمكة الذي ظهرت به الهندية آشواريا راي، وحركات شارون ستون وهي تلتقط صوراً مع مجموعة من رجال الأمن، والدعابة التي حملت «تلميحًا جنسيًا» والتي صدرت عن جنيفر لورانس لدى حضورها ندوة لمخرج «غرافيتي» ألفونسو كوارون، وليس انتهاء بـ «القبلة المدوّية» للفنانة الإيرانية ليلى حاتمي التي أشعلت الفضائيات والمواقع.

حسناً، هل هذا هو كل شيء عن كان؟ يبدو ان الفضائيات العربية ترى في هذا المهرجان كرنفالاً سياحياً مبهراً لا علاقة له بالسينما، فهي تغطي كل شيء خارج قاعات السينما، من الفساتين الى الحركات الى زلات اللسان الى سحر الشواطئء في المدينة الفرنسية الوديعة، الى المقاهي وبهو الفنادق والسجادة الحمراء بالطبع… لكنها تمتنع عن الخوض في جوهر هذا المهرجان. تتجنب الدخول الى القاعة المعتمة، بالتالي فهي تقدم قائمة طويلة عن القشور، ولا تقدم حتى ولو قائمة عددية صحيحة عن الأفلام المعروضة.
ما الذي خصصته الفضائيات لفيلم «وداعاً للغة» لجان لوك غودار، وماذا قالت عن فيلم «سبات شتوي» لنوري بيلجي جيلان، وفيلم «قاعة جيمي» لكين لوتش، وفيلم «مستر تيرنر» لمايك لي، و«صائد الذئاب» لبينيت ميللر، وفيلم الأخوين داردين «يومان، ليلة واحدة»…؟ أفلام حديثة ومهمة تعرض في أهم محفل سينمائي لن تأبه بها الفضائيات العربية، وستظل وفية لآلية عملها «الضحلة» في الاهتمام بكل التفاصيل باستثناء الفيلم، وما يحمله من جديد، وشروط وظروف إنتاجه.
كانت الأستاذة في قسم الصحافة في جامعة دمشق فريال مهنا، تستهجن عبارة «التغطية الصحافية»، قائلة إن مهمة الإعلام هي الكشف والتعرية، فكيف يمكن أن نصف ما تقوم به الصحافة بـ «التغطية». ويبدو أن الفضائيات العربية أخذت هذه العبارة بمعناها الحقيقي لا المجازي، فراحت «تغطي» على كل ما هو جوهري، وتكشف فقط عن الهوامش والقشور.
والحال أن مهرجاناً مثل كان هو أهم حدث سينمائي عالمي، وهو يشكل مادة خصبة، لا خلال أيام المهرجان فحسب، بل للأسابيع التالية أيضاً، ناهيك بأن هذا الحدث لا يعني النخبة السينمائية فقط، بل هو يحظى باهتمام شريحة واسعة… على رغم كل هذه الحقائق، فإن الفضائيات العربية مصرّة على تجاهل هموم السينما ومشاكلها وكذلك سحرها وسطوتها الرمزية، والتركيز بدلاً من ذلك على الأمور الثانوية التي تظهر مهرجان كان وكأنه مجرد رحلة ترفيهية يحضرها نجوم السينما، أما ما يطرح على الشاشة الكبيرة من أسئلة وما يقدم من جماليات، فلا مكان له على الشاشة الصغيرة!
_______
* “الحياة اللندنية”

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *