يحيى القيسي: النشر الإلكتروني لن يطيح بعالم الورق


*

رغبة منها في الانفتاح على فضاءات أرحب، وتطلعا لاستقطاب أكبر عدد من المتابعين والمهتمين، انفتحت الصحافة عموما باتجاه الفضاء الإلكتروني، وفي ظل ما تشهده الصحافة الثقافية، ملاحق ومجلات، على وجه الخصوص من تحديات جمّـة، وجدت تلك الصحافة متنفّسا في الفضاء الإلكتروني، الذي لا يتطلب، على الصعيد المادي، ما يتطلبه النشر الورقي، بيد أن هذا الحال فتح الباب أيضا، في الوقت نفسه، على شيء من العشوائية والارتجال في النشر ، فليست كل هذه المواقع تنتقي نصوصها ومقالاتها، بل تعمد بعضها إلى نشر ما هو ضعيف إلى جانب ما هو جيد، ما يسهم بتشويه الذائقة العامة.

وانطلاقا من أهمية الفضاء الإلكتروني ثقافيا، بكلّ ما له من إيجابيات وسلبيات، فإن «الدستور» تفتح ملف الصحافة الثقافية الإلكترونية في الأردن، من خلال محاورتها لنخبة من القائمين على هذه المواقع.
«الدستور» تواصل وقفاتها في هذا الصدد مع القاص والروائي يحيى القيسي، مؤسس ومدير موقع «ثقافات».
* لماذا ذهبتَ للنشر الإلتكروني. هل فقدت الملاحق والمجلات ثقافية الورقية أهميتهما؟ وهل المستقبل للنشر الالكتروني؟
– لم أتخل عن النشر الورقي فيما يتعلق بكتاباتي الإبداعية ولا أيضا مقالاتي، وإن لاحظت ستجد أنني أعيد نشر المواد التي نشرتها أولا في المجلات الثقافية والصحف في بعض المواقع الالكترونية وخصوصا «ثقافات» الذي أسسته وأديره، إذ أني لا أعتقد بأن النشر الالكتروني سيلغي المطبوعات الورقية، فالتجارب الحالية تخبرنا بأن للكتاب رواده الكثر وأن القراءة من الأجهزة الالكترونية متعبة للنصوص الطويلة، وبالتالي لا أعتقد أن لها مستقبلا كبيرا قادرا على الإطاحة بعالم الورق.
* من خلال تجربتك في «ثقافات»، كيف تقدر حجم الإقبال والاهتمام وردود الفعل؟
تجربة «ثقافات» انطلقت منذ سنتين تقريبا بعد أن لاحظت أن بعض المواقع الثقافية العربية قد شاخت واصبحت نمطية في اختياراتها وموادها، وبالتالي رأيت أن اقدم هذه التجربة لإيصال أفضل ما هو موجود في الصحافة الورقية العربية الثقافية والفنية والفكرية في موقع واحد اذ من الصعب على المتصفح زيارة هذه الصحف جميعها يوميا، ولكننا نقوم في فريق «ثقافات» الصغير عددا بمسح لأبرز الصحف والملاحق الثقافية العربية وننتقي منها الأفضل والأكثر تنوعا وعمقا بحيث يدخل القارئ إلى ثقافات فيجد وجبة معرفية متكاملة.
* هل النتيجة والفائدة من النشر الالكتروني شبيهة بالنشر الورقي؟
– أعتقد أن الفائدة مضاعفة مرات عديدة في المواقع الالكترونية منها في الورقية ما عدا تلك الصحف الكبرى التي ترفد جانبها الورقي بمواقع الكترونية قوية وفاعلة مثل «القدس العربي» ففي احسن الأحوال توزع الصحف نسخا محدودة منها ويكون قراؤها في البلد نفسه غالبا، أما النشر الالكتروني فيصل الى عدد كبير من المتصفحين وتبقى المادة متاحة أيضا لوقت طويل الكترونيا وبالتالي هذا يقود إلى زيادة عدد القراء والتعريف أكثر بالكاتب وكتابته.
* سهولة النشر في المواقع؛ هل ستسهم في تمييع الأدب والثقافة أم ترى العكس؟
هذا أمر يجب الانتباه إليه بشكل جدي، فبعض المواقع تتساهل جدا مع النشر وبالتالي تنتج كتابا وكاتبات من انصاف وأرباع المبدعين، ويظنون بالتالي أنهم بهذا النشر أصبحوا في مصاف الأدباء، ناهيك عن ثقافة الفيس بوك والمجاملات والتضليل الذي حدث بحيث تورطت الكثير من النساء مثلا في أن يصبحن كاتبات وهن بدون موهبة ولا يتقن مبادىء اللغة العربية بسبب النفخ فيهن، والدعم من انصاف الكتاب الذين يتربصون بالنساء كفرائس او طرائد حسب تشبيهاتهم ويقوموا بتضليلهن، ولنا في أحد المهرجانات الشعرية الذي أقيم في عمان مؤخرا مثلا فاقعا.
* قلة المواقع الألكترونية في الأردن، لم تعزو ذلك؟
– المواقع الالكترونية تحتاج إلى استدامة اي عمل على مدار الساعة وبالتالي تحتاج إلى فريق عمل ومصاريف، ومعظم المواقع الالكترونية في الأردن ذات طابع سياسي اخباري او ترفيهي وهي مدعومة من جهات عديدة من بينها الحكومة او شخصيات مالية متنفذة اما المواقع الجادة ذات الطابع الثقافي فمن يدعمها في ظل وزارة ثقافة تقلص يوما بعد آخر من الصرف على الشأن الثقافي وتعد طاردة للإبداع والمثقفين..!
* كيف ترى مستقبل الكتاب الورقي؟
– لست متشائما من مستقبل الكتاب الورقي وأرى بأنه سيظل يتعايش مع التكنولوجيا الجديدة ولن يلغى أو يزول..، لاحظ أن التلفزيون لم يلغ السينما ولا المسرح ولا الإذاعة رغم التخوفات التي حدثت والنقاشات الطويلة التي جرت في تلك الأيام، وبالعكس ارى أن الكتاب الورقي يستفيد من التكنولوجيا الجديدة للتعريف به وانتشاره.
* أخيرا هل أثر (النت) على كتابتك الإبداعية من قصة ورواية؟
– تريد الحقيقة، الفيس بوك اخذ الكثير من وقتي وجهدي والذي كانت ربما من الممكن ان استغله بالكتابة، والان وبعد نحو 4 سنوات من التورط به اقول بأن له فوائد كثيرة أيضا لنشرالأفكار والتعريف بالمواد والكتب وغيرها،وأنني اسيطر عليه دون أن يسيطر علي ويجعلني أصاب بالإدمان، اي اصبحت بعد شد ورد أتحكم فيما اريده من هذا الفضاء وليس العكس..!
_____
*الدستور الأردنية

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *