صالون الديكامرون يحتفل برواية “مسمار تشيخوف “للمبدع يوسف رزوقة


*ابتسام القشوري

( ثقافات )

يعتبر الكاتب يوسف رزوقة من الكتّاب القلائل الذين يبدعون فى مجالات متعددة فهو شاعر وناقد ومترجم وروائي وله انشغال بأدب الطفل وهذه الموسوعية جعلت منه كاتبا متميّزا لم يلق الحظوة فى تونس فقط بل فى البلدان الأجنبية التى تحتفل به وبكتاباته .
وبمناسبة صدور روايته الجديدة “مسمار تشيخوف” عن منشورات دار “مومنت كتب رقمية” في بريطانيا نظّم صالون الديكامرون في “غرفة تشيخوف” ضمن فعاليات ربيع الكتاب التونسي لقاء مع هذا المبدع فى مقهى المسرح البلدي حضره ثلة من المثقفين وقدّم الكاتب وحاوره الروائي كمال الرياحي. 
يوسف رزوفة المبدع المتعدد الوجوه
أكد كمال الرياحى في تقديمه ليوسف رزوقة على هذه البانوراما التى تميز إبداع الرجل فهو شاعر ومترجم وروائي ومنظر ويكتب بلغات متعددة منها؛ بالاضافة للعربية الفرنسية والاسبانية والانجليزية وغيرها، والمهم فى ذلك أن له مؤلفات فى هذه اللغات كما أن العديد من تجاربه الشعرية قد دُرست من قبل منظرين أجانب احتفاء بتجربته الشعرية الفذّة التى من أبرز سماتها تجديده في العبارة وفي البناء الشعرى، ويضيف يوسف رزوقة عن هذه المرحلة فبالاضافة لكتابة الشعر بلغات متعددة ألف مع ثلة من الأعلام دستور الشعراء رؤية جديدة لتشخيص الإيقاع العالمي الجديد في ظل الفضاء الاتصالي المعولم كما نظم ورش لتطبيق العروض على القصيدة الفرنسية وله فى هذا السياق مؤلفات مع الشاعرة الفرنسية “هيرا فوكس ” 
ولأن اللقاء لا يمكن ان يلم بكل وجوه يوسف رزوقة الابداعية ركزّ على وجهه الروائي وحديث عن الاصدار الجديد “مسمار تشيخوف “.
من الشعر الى الرواية 
مارس يوسف رزوقة الشعر لزمن طويل وكان مبدعا فى هذا المجال ساهم فى تطوير اللغة الشعرية ومباحثها شعرا وتنظيرا حتى سمي بـ”الذئب فى العبارة “وبعد هذا الاهتمام الكبير بالشعر هاهو يتحول إلى الرواية ويقول يوسف رزوقة فى هذا الصدد ان الرواية لست مبحثا جديدا بالنسبة له فبداياته الإبداعية كانت سردية قصصية، فأوّل قصة كتبها وهو لم يتجاوز الـ13 كانت بعنوان” شيء من الحرمان “، ثم أنه مارس الرواية في محاولة أولى مع رواية ” الارخبيل” أصدرها سنة 1986 ثم ابتعد وعاد من جديد لانه يعتبر أن الشعر” حالة ” أو اعتمال نفسي وأنّ هذه المرحلة لا تسمح بركوب الشعر بقدر ما يرى أن الرواية بممكناتها المنفتحة على الفنون الاخرى قادرة على التعبير على مكنونات الكاتب ومتغيرات المرحلة قائلا إنّ: “المرحلة تقتضى ركوب الرواية “. 
“مسمار تشيخوف ” العتبات 
يرى كمال الرياحي أن الأدب العربي يتحرك فى هذا الاتجاه من العنونة الذى اتخذه العديد من الأدباء مؤخرا فتقرأ “اصابع لوليتا” “كافكا على الشاطئ”” بابا سارتر ” مسمار تشيخوف وغيرها كما أن الرواية ترزخ بالعديد من أسماء الأدباء يتساءل الرياحي هل أصبح الأدب موضوعا للأدب؟.
يجيب رزوقة أن العنوان هو الذي ينادي المؤلف وأن عنوان روايته ليس مجانيا، وإنما هو موظف توظيفا فى داخل الرواية فالرواية هي ترجمة عن مرحلة عاشها فى موسكو ما بين سنة 1984 و سنة 1987 ترصد مرحلتين أو زمنين زمن ما قبل “غورباتشوف” وما بعده رواية تعتمد على حادثة انتحار صديقه السوداني عبد الرحيم ابو ذكرى و تنطلق منها والذي يثير الانتباه في هذا المتن أنه يحفل بمواقف الانتحار، أما عن المسمار فدلالاته متنوعة من الدلالة الايروسية إلى الدلالة الوجودية والبحث عن الذات والهوية وهذا ما أشار إليه المؤلف على غلاف الرواية قائلا “”في هذه الرواية مسمار. هو ليس، في وجه من أوجهه، مسمار جحا. لا يهمّنا هنا إلاّ مسمار تشيخوف، مركّب إضافيّ قد يعني في جملة ما يعنيه الأثر إذ يدلّ على المسير والشّيء قبل أن يصير شيئا أو عدما”.
بناء الرواية 
يلاحظ الرياحي أن الرواية منفتحة على السرد الحديث والقديم باتخاذ يوسف رزوقة لراوِ عليم وهو” شلهوب الحكيم ” يتدخل لسد ثغرات السرد ولكشف عما وراء الضمائر. 
ويضيف يوسف رزوقة أن الراوي يتموقع في الموقع الذى لا يتوقعه القارئ، واكد انه انتهج ما يسمى بالتوليد القصصى فالرواية في بنائها منفتحة على ممكنات قصصية متعددة ويرى المؤلف أن الرواية لا يجب أن تقوم دائما على الحبكة المطلقة؛ فالحبكة هي من صنع راويها فهو يدعو إلى الرواية التي تقوم على البعثرة والنفكيك الذي لا يؤدي إلى فوضى وانما الذى يفضى الى نظام معين داخل الرواية كما انه يرى أن الاسلوب هو نوع من المخاتلة وذروة القراءة عندما يخيّب الكاتب أفق انتظار القارئ.
مسمار تشيخوف بين السيرة الذاتية والتخييل 
تساءل كمال الرياحي عن حدود السيرة الذاتية في هذه الرواية خاصة أنّ معظم أحداثها كانت حقيقية .
يجيب يوسف رزوقة أن هذه الرواية على إخلاصها في نقل الواقع لم تأخذ من السيرة الذاتية إلا ما يخدم أهدافها ويرى أن كتابة الأنا هي ليست محاولة منه لجلد الذات وإنما تقييم ذاتي لمرحلة عاشها مع شخصيات حقيقية رأى أنه يمكن أن تكون مادة ثرية في بناء الرواية.
العودة إلى الرحم 
بعد ترحال وسفر متكرر للمبدع يوسف رزوقة في بلدان عديدة وعقد صداقات مع مبدعيها وشراكات إبداعية كبيرة مع مثقفي تلك البلدان يعود يوسف رزوقة إلى الوطن من جديد 
ويقول في ذلك هي “عودة إلى لحظة الطمـانينة إلى لحظة البياض إلى الرحم من جديد “
ويشير رزوقة فى آخر اللقاء أن هذه الرواية ما هي إلاّ تمهيد لروايات أخرى فلرزوقة رواية اخرى تحت الطبع بعنوان” وداعا براءة العالم ” ثم هو بصدد كتابة رواية أخرى وضع لها عنوان أولى 555 يقول إنها تنهل من تقنيات السينما من تقطيع وفضاءات مكانية وزمانية .
_______
*كاتبة من تونس 

شاهد أيضاً

أبورياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع لإنارة الطريق

الأديب موسى أبو رياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *