كتاب يرصد الآثار التونسية التي نهبها بن علي وعائلته


روضة الشتيوي


أصدرت وزارة الثقافة بالاشتراك مع المعهد الوطني للتراث ووكالة احياء التراث والتنمية الثقافية كتابا انيقا يحمل عنوان « تراث نهب، تراث يسترجع». الكتاب صدر في فترة اشراف مهدي مبروك على الوزارة وقد كتب هذا الاخير توطئة جاءت بمثابة التقديم لمحتوى الكتاب الذي يضم بين دفتيه مجموعة من الصور لقطع اثرية متنوعة مصحوبة بشروحها تم حجزها واسترجاعها مؤخرا من قصر سيدي الظريف بسيدي بوسعيد وكذلك من قصور كل من صخر الماطري وبلحسن الطرابلسي الكائنة بالحمامات وسكرة وكانت كلها مادة لـ «معرض اثري مؤقت» انتظم فيما بين 11 جانفي و31 مارس 2013.

وفي موقع آخر من الكتاب كتب عبد اللطيف مرابط (مكلف بمهمة) كلمة تحت عنوان « عودة تراث» جاء في خاتمتها ان هذا المعرض اضافة الى طابعه غير المألوف وبغض النظر عن بعده الثقافي يمثل في زمن الثورة هذا رسالة قوية في الوطنية والالتزام بخدمة التراث والمساهمة ولو معنويا في التعويض عن الاضرار التي تكبدتها البلاد»
 اما عدنان الوحيشي المدير العام للمعهد الوطني للتراث فكتب : «معرض نفائس … للتاريخ» وقال عن القطع المستعادة «انها نقائس من تراثنا تم استرجاعها ولعل من اجمل واثمن القطع الاثرية المختارة تلك المتأتية من قصر سيدي الظريف ومنزل صخر الماطري بالحمامات. وتعد هاتان المجموعتان اساس هذا المعرض لاحتوائهما على مجموعة من الحلي والخزف في غاية من الروعة والجمال (من عدد 2 الى عدد 8) فنجد قنينات جرة صغيرة أواني تحمل زخارف آدمية تعود الى القرن الخامس والرابع والثالث ق.م اضافة الى تماثيل من الفخار تروي لنا من خلال زخارفها اساطير مثل صراع هرقل مع اسد «نيمي» او مشاهد من الحياة اليومية الرومانية. ومن بين هذه التماثيل نخص بالذكر انية نادرة في شكل تمثال لامرأة عجوز مخمورة (عدد 13) يوجد منها في البلاد التونسية اربعة فقط».
«الكتاب ضم 93 قطعة اثرية وفنية اختيرت من مجموعة يفوق عددها 300 قطعة محجوزة لدى افراد عائلة زين العابدين بن علي». هذا بعض ما جاء في تقديم الكتاب بامضاء سمير عون الله المشرف على المعرض الاثري المؤقت كما جاء في التقديم أيضا أن من بين هذه القطع نصبا تذكارية تناهز الخمسة عشر قطعة وسجلها الزخرفي معروف بالخصوص في شمال البلاد التونسية ووسطها الغربي مثال ذلك نصبا تم اكتشافه في جهة برقو.. أما العناصر المعمارية التي عثر عليها فتعود الى فترات مختلفة بونية، رومانية وحفصية وتتكون أساسا من تيجان استعمل أغلبها في بناء وتزويق منزل صخر الماطري بالحمامات، كما نجد ضمن هذه المجموعة أثاثا منزليا وصناديق خشبية في غاية الإتقان والجمال، قد تكون استعملت في السابق لحفظ الملابس والمجوهرات وحتى الوثائق.
صور القطع الأثرية التي وقع نهبها وتمّ استرجاعها بعد الثورة وردت في الكتاب مذيّلة بشروح تفصيلية إضافة إلى ذكر مكان حجز كلّ قطعة، وأغلبها تمّ حجزه من منزل صخر الماطري بالحمامات، مما ينمّ عن ولعه وهوسه بجمع أجمل القطع الأثرية وأثمنها..
هوس تعدى حدود المنطق والمعقول، أمّا بلحسن ابطرابلسي فبدا ـ من خلال ما جاء في الكتاب ـ أقل طمعا وأكثر رأفة بآثارنا فغنم منها نسبة ضئيلة مقارنة بما غنمه صخر الماطري.
الكتاب زخر بالصور التي تحيل على جمال هذه القطع وندرتها وقيمتها التاريخية والحضارية، كما تحيل أيضا على مدى استشراء الفساد في فترة حكم بن علي، فساد لم تسلم منه حتى الآثار وهي ملك عمومي ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال امتلاكها مهما يملك هذا المالك من سلطة ومال وجاه.
ما غنمه الرئيس السابق وصخر الماطري وبلحسن الطرابلسي من هذه الآثار لتزيين قصورهم تمّ استرجاعه مما يعتبر خطوة إيجابية نحو الحفاظ على آثارنا ولكننا نعلم أنّ مسألة النهب والسرقة التي تطالها ما تزال متواصلة. وتقف وراءها عصابات منظمة ومحترفة، ويبقى من واجب الدولة وسلطة الإشراف أخذ هذه المسألة بجدّ من أجل وضع حدّ لهذا النزيف.


( الصحافة التونسية )

شاهد أيضاً

العتبات والفكر الهندسي في رواية “المهندس” للأردني سامر المجالي

(ثقافات) العتبات والفكر الهندسي في رواية «المهندس» للأردني سامر المجالي موسى أبو رياش   المتعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *