ما هي أفضل الجمل الافتتاحية في الأدب؟


*جون ولش – ترجمة: ميادة خليل


“الروائيون يقولون إن الجمل الافتتاحية يجب أن تُكتب بدون تفكير من أجل جذب قرّاء اليوم المتحيرين. لكن الأعمال الكلاسيكية تعلمنا شيئا أو أكثر عن الافتتاحيات المدهشة”. قال جون ولش.
****************************
ريموند تشاندلر لديه بعض النصائح للكتّاب: “عند الشك, يأتي رجل من الباب, يحمل مسدسا في يده.” نصيحة جيدة لأي كاتب غاص عمله المميز في مستنقع التفكير, الوصف, التفلسف أو الولع بالنثر، لكن هذا ينطبق فقط على أدب الجريمة. أليس كذلك؟ من المؤكد أن الرواية السائدة لا تحتاج الى مثل هذه التلاعبات الضعيفة لإثارة قرّائها (من سيكون سعيداً مع التفكير, الوصف…الخ) 
فكر مرة أخرى. وفقاً لموجة الآراء, فان كتّاب القرن الواحد والعشرين خسروا المعركة مع انتباه القارئ ــ ويجب فعل شيء إزاء ذلك قريباً.
القضية التي أُثيرت مؤخراً في مهرجان طيران الإمارات للأدب (هناك بعض الكلمات نادراً ما نراها في جملة واحدة) في دبي عندما تحدث ثلاثة من الكتّاب عن أهمية جذب القرّاء وشد انتباههم من السطر الأول “أعتقد أن الناس هذه الأيام مشتتون بسبب الآي فون والآي باد,” قال سيمون كيرنيك “ولهذا… نحن نحتاج الى جذبهم مباشرة الى القصة وبسرعة. إذا كنت تقضي وقتاً كثيراً في وضع الأمور بمكانها الصحيح, فان العمل لن ينجح.” 
ريتشارد مادلي, المذيع الذي تحوّل الى روائي, وافق قائلاً: “قصص جين اوستن وما شابهها من القصص, رائعة, لكن أيامها قد ولت بعد ما اتخذنا نهجاً سهلاً في الكتابة. الاضطرابات الأخرى تعني أن لديك حقاً في شد القارئ من عنقه.”
أعتقد أن عبارة “قصص جين اوست وما شابهها من القصص” قصد منها مادلي “الرواية الإنكليزية الكلاسيكية”. هل قرأ هو أو السيد كيرنيك إحداها مؤخراً؟ “مرتفعات ويذرنج” تبدأ بعبارة: “عدت للتو من زيارة المالك ــ جاري المنعزل الذي سوف يتسبب في إزعاجي.” هذه العبارة تدخلك مباشرة في القصة. 
تبدأ رواية “Middlemarch” بالجملة: “السيدة بروك تمتلك نوعا من الجمال يبدو كما لو أنه يستغيث في ثوب الفقر.” إفتتاح رائع يجعلنا نرغب في معرفة كل من السيدة بروك وتاريخها القاسي. وبالطبع, “كبرياء وتحامل” تبدأ بجملة افتتاحية للرواية يحفظها الجميع عن ظهر قلب. بالتأكيد, كان هناك الكثير من الأنين, أسلوب توماس هاردي في التوضيح في روايات القرن التاسع عشر, لكن السادة القدماء عرفوا أشياء قليلة حول العناية باهتمام القارئ.
أغلب الكتّاب المعاصرين تبنوا استراتيجيات محبي الإثارة من أجل النجاح؟ جوجو مويس, التي كانت موجودة في مهرجان دبي, قالت إنها غيّرت الأسلوب الذي بدأت به رواياتها بعد سماعها القرّاء وقراءتها لمقالات على الأمازون “قالوا إن الأمر يستغرق بعض الوقت حتى يصل القارئ الى هذا الكتاب أو ذاك, لكنهم يتمسكون به. وهذا أوحى لي بشيء: أني بحاجة الى السرعة.”
السرعة ــ الكأس المقدسة للقرن الواحد والعشرين سرعة التواصل الشخصي والتقارير الإخبارية, عرض أسرع, تعليقات فورية عن الأشياء بينما تشاهدها, البث المباشر, موضات الطعام, الموسيقى, ثقافة الفرقعة, الكثير من التغريدات على صفحتك كل ساعة بحيث لا يمكنك قرائتها بالفعل. هل أن الروايات أيضاً, يجب عليها أن تُسرع؟ أقتراح مثل هذا الأمر لا معنى له.
الرواية تمتلك وتيرة مثالية. اليانور كاتون الحائزة على جائزة البوكر عن روايتها “The Luminaries” الرواية من 823 صفحة, لكن تقريباً كل جملة تقدم حبكة خيالية متقنة. هيلاري مانتل تفتتح روايتها “Bring Up the Bodies” بجملة بارعة: “أولادها سقطوا من السماء.” ـــ قبل الشروع بقراءة 400 صفحة لمشاهد حية ومعقدة, مع أصوات وأرواح تتعثر ببعضها, حتى لا تتذمر: “تابع معها, هيلاري”.
علينا أن نكون حذرين من الحلول الزائفة التي تفرض على الرواية الحديثة ما ينبغي وما لا ينبغي القيام به. الإصرار على أن كل رواية يجب أن تمتلك جملة افتتاحية جذابة سيقدم لنا آلاف الرجال المختلفين الذين سيدخلون من الباب مع مسدس. هذا محتمل. غير المحتمل هو شرط أن تتحرك الروايات بسرعة فائقة, خوفاً من كسل, خمول, شخير قارئ الشاشة المتحير الذي قد يستسلم الى النوم. جذب القارئ من قلبه أفضل من جذبه من عنقه.
والآن لنقرأ أفضل 15 جملة افتتاحية في الأدب*
“قصة مدينتين” , تشارلز ديكنز
“كان أفضل الأوقات, كان أسوأ الأوقات, كان عصر الحكمة, كان عصر الخيانة, كان عهد الإيمان, كان عهد الشك, كان موسم النور, كان موسم الظلام, كان ربيع الأمل, كان شتاء اليأس, لدينا كل شيء, ليس لدينا شيء, كلنا سنذهب مباشرة الى الجنة, كلنا سنذهب مباشرة الى طريق آخر.”
“مرتفعات ويذرنج” إميلي برونتي
“عدت للتو من زيارة المالك ــ جاري المنعزل الذي سوف يزعجني.”
“Middlemarch ” جورج إليوت
“السيدة بروك تمتلك نوعا من الجمال يبدو كما لو أنه يستغيث في ثوب الفقر.” 
“1984” جورج أورويل
“كان يوماً بارداً مشرقاً من أيام أبريل, والساعات تشير الى الثالثة عشرة.”
“كبرياء وتحامل”، جين أوستن
“إنها حقيقة معروفة, رجل أعزب وفي حوزته ثروة جيدة, يجب أن يكون بحاجة الى زوجة.” 
“غاتسبي العظيم”, سكوت فيتزجيرالد
“في شبابي والسنوات الأكثر تأثراً بالنقد قدم لي أبي نصيحة, أفكر فيها منذ ذلك الحين. كلما شعرت بانتقاد من أحد ما, قال لي, تذكر فقط أن كل الناس في هذا العالم لا يمتلكون المزايا التي تمتلكها أنت.”
“بيتر بان” , ج. م. باري
“كل الأطفال يكبرون, باستثناء واحد.”
“احدهم طار فوق عش الواقواق”, كين كيسي
“انهم هناك في الخارج. فتيان سود ببدلات بيضاء يرتكبون أمامي أفعالا جماعية في الردهة ويتطهرون منها قبل أن ألقي القبض عليهم.” 
“جين آير”, شارلوت بونتي
“لم يكن من الممكن التنزه في ذلك اليوم.”
“آنا كارنينا”, ليو تولستوي
“كل الأسر السعيدة متشابهة, لكن الأسر التعيسة, تعيسة بطريقتها الخاصة.”
“مئة عام من العزلة”, غابرييل غارسيا ماركيز
“بعد سنوات, عندما واجه الاعدام رمياً بالرصاص, تذكر الكولونيل أوريليانو بوينديا ظهيرة يوم بعيد, عندما أخذه أبوه لاكتشاف الثلج.” 
“المسخ”, فرانز كافكا
“عندما استيقظ غريغور سامسا ذات صباح من أحلام مضطربة، وجد نفسه في فراشه وقد تحول الى حشرة وحشية.”
“مغامرات التوت الفنلندي”, مارك توين
“لم تكن لتعرفني لو أنك لم تقرأ كتابا باسم “مغامرات توم سوير”, لكن هذا ليس مهماً. ذلك الكتاب كان للسيد مارك توين, وقد قال الحقيقة, على الأغلب.”
“الشيخ والبحر”, إرنست همنغواي
“كان رجل عجوز يصطاد لوحده في مركب شراعي في خليج غولف ستريم, منذ 48 يوماً لم يصطد سمكة واحدة.” 
” Catch-22 “, جوزيف هيلر
“كان حباً من النظرة الأولى. منذ المرة الأولى التي رأى فيها يوساريان القسيس أحبه بجنون.”
___________
*المصدر: The Independent
المقاطع ترجمة (ميادة خليل)
______
*العالم الجديد 

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *