الإسلام بالنسخة ( الأمريكية) !


هند خليفات *

( ثقافات )


لم تكتف أمريكا بالاستيلاء على صناعة الملابس والأجهزة والأسلحة والأفلام وكل شيء فذهبت لصناعة خرائط كونية ومجتمعات وتواريخ ودولا واديانا بمواصفات أمريكية براقة تخدم مصالحها الآنية والإستراتيجية …

الذي لم نكن نتوقعه أن تمد يدها تجاه الدين الإسلامي الحنيف فصنعت في كل منطقة وزمنا إسلاما يخدم مصالحها ، صنعت إسلاما سمحا لا يفرق بين السنة والشيعة في أفغانستان لمحاربة الشيوعيين الروس، حتى أنها جعلت قادة الجهاد الأفغاني يُستقبلون أبطالا فاتحين دون البحث في الطائفة التي ينتمون إليها، لدرجة انك وقتها لا تستطع التفريق بين قادة الجهاد الأفغاني أيهم سني وأيهم شيعي!
وعندما احتاجت أمريكا إسلاما من طائفتين يقاتلا بعضهما ويكفرا بعضهما صنعت مسلمين سنة وشيعة يتناحرا لدرجة لا يمكن تصدقيها ولا توقعها وحللت لهما ذبح بعضهما لدرجة كراهية لم تشهدها الكرة الأرضية من قبل، حد استخراج الأحشاء واكلها أو حد نحر الأطفال من قبل جيش بشار الأسد ( علينا وفي الحروب نعامة ) !

وعندما احتاجت إسلاما أكثر فتنة حيث لا يكفي خارطة الشرق الأوسط الجديد شقاق السنة والشيعة بل احتاجت شقاقا أكثر فتكا أوقدت فتيلا بين الإخوان والسلفيين لأنها الشرارة الوحيدة التي تستطيع ان تحرق قطن الوفاق بين البلاد السنية ، وانتظروا إسلاما يجرف الصوفيين والشافعيين نحو الاقتتال الإسلامي بحجة أن كل فئة ترى الأخرى كافرة !

الشقاق بين الأحزاب والطوائف والدول الإسلامية سيضمن لأمريكا ان تظل شرطي المنطقة الوحيد وبائع السلاح الأول ، في الوقت نفسه الذي يسكن أمريكا ملايين المسلمين من مختلف الأحزاب والطوائف ينعمون بسلام وهدوء وسكينة ويرون ان كل مسلم ينطق بالشهادتين محرم قتاله مهما بلغ الاختلاف معه ، وستكون ردة فعل أمريكا حاسمة لو ان دولة أخرى مارست مع مسلمي أمريكا ما تمارسه أمريكا مع مسلمي الشرق الأوسط !

دعونا نعترف أن ما حدث من دموية ووحشية باسم العروبة والحرية والإسلام؛ جعلنا أكثر تعاطفا مع إسرائيل، وهذا أيضا جزء من نتائج الإسلام بالنسخة الأمريكية الخطير ..وهو تقليل الحنق من إسرائيل وزيادة التعاطف معها وهي التي تقع بين دول شعوبها تقتل بعضها بدم بارد وتجد رقابها وهي تهلل!
فالخطة لا تحتاج سوى شراء كم خطيب من الطائفيين يحذر من خطورة الطائفة الأخرى ويكفرها ويدعو لقتالها وساعتها تنطلق كرة الثلج التي ستقلب السحر على الساحر وستصبح أمريكا مثل لاعب سيرك هاجت عليه حيواناته المفترسة..

الإسلام أعظم دين لكن بعض أتباعه أصبحوا ألعوبة في يد أعداء الدين وصارت ذممهم تباع ( بفرنك)! 

* كاتبة من الأردن 
www.hindcolors.com
hindkh79@yahoo.com

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *