“بيكاسو كافيه”


سامية عطعوط *

 ( ثقافات ) 

قصتان قصيرتان

“بيكاسو كافيه”
كان يجبُ أن أرضى من الشُهرة بالاسم ومن الزواج بالمتعة، ومن الموت بالأسود..
كان يجب أن أطلقَ سهامي السّامة، في وجه من يفتح فاهُ لانتقادي.. ولكنني كنت جبانة، تختبيء تحت معطفٍ جلديٍ أسود اللون وفاخر. 
دخلتُ إلى البار على عجل، وقد ألمّ بي مغصٌ حادّ لم أعرف سببه. ربما سأجهض.
قال بيكاسو أنه سيرسمني عارية بالألوان، كي أظلّ ذكرى في عيون محبّيه، لكنني رفضتُ بشدّة واستخفافٍ، أن أصبح لوحة تُباع وتُشترى بالملايين التي لن تفيدني في شيء، وشتمتُه بل وصرختُ في وجهه. وهكذا كان، فلم يعتبرني أحدٌ من النقاد من إحدى نسائه، وظللتُ مجهولةً أعيش في الظلّ، بينما تألقتْ الأخريات.
قررتُ أن ألقّنه درساً في الصعلكة، كي لا يقول عني أرستقراطية بدمٍ بارد. فتعرّيتُ في البار ورقصتُ على إحدى الموائد، وجمعت من حولي المعجبين وحتى المعجبات، وحين بدأتْ آخرُ خيوط الليل تغادرنا، صحوت. واكتشفتُ أنني أستلقي إلى جواره في بيتٍ متداعٍ، بينما كان يجلس على مقعده يحاول أولى خربشاته في الرسم. 
********* 

“أفاعي”
لم أُدهش عندما حدّثني صديقي ووصف المدينة قائلاً: بدأتْ الأفاعي تخرجُ من جحورها، والكلاب الضّالة تهمّ على البشر في شوارع المدينة، في أزقة القرى والمخيمات والبراري.
كنّا نجد لقيطةً في صفيحة قمامةٍ، كلّ يوم أو يومين. ندفنهم أحياء أو أموات. 
كانت المدينة غارقةً في الوحل، حتى صرخ أحدهم: ذاك كهفٌ نأوي إليه…!
التفَتْنا إليه جميعاً، كما لو كان الحلّ الأخير..
أحدُهُم، كان على عجلٍ،
وضعَ جمجمتَه بجانب بسطاره، تناول دفتر مواعيده المهتريء، وغادَرَنا مسرعاً.
وامرأةٌ، علّقَتْ وليدها على جذع شجرة، كي يُطعمه الطير، ورحلتْ.
كنّا على عجلٍ، كي نغادر مسرعين..!
ومضَيْنا..!
_________
* قاصة وباحثة وإعلامية من الأردن 

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *