من القبيلة إلى “الفيس بوك”


( ثقافات )


يبدو عنوان الكتاب الجديد للدكتور الإماراتي جمال سند السويدي ( من الفيس بوك إلى القبيلة ) جاذبا ومثيرا للكثير من التساؤلات، فهو يتناول وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية، وبالطبع فإن ” الفيس بوك ” يعد أبرز هذه الوسائل أو البرامج التي يدمن عليها أكثر من مليار من البشر، لكي يتواصلوا معا ويتبادلوا الاهتمامات، وحتى المصالح العملية، وقد دخل العرب في هذا الفضاء كمتلقين على الأغلب، ومستهلكين لما يتم بثه فالشعوب المغلوبة تكتفي عادة بالتفرج، والامتنان لما يلقى إليها من فتات دون التساؤل حتى عن مقدار فائدته او ضرره.

لا أريد هنا عرض كتاب د. السويدي فهو حقا يستحق القراءة والاطلاع على ما فيه من احصائيات وتحليلات تسبر أعماق التحولات الاجتماعية بسبب التواصل عبر ” الفيس بوك ” وغيره من المواقع الاخرى مثل ” تويتر ” و” يوتيوب ” و” انستغرام ” ..والحبل على الجرار كما يقال، أي أن الناس لم يعودوا يستوعبون هذا السيل الهائل من المد التكنولوجي الذي يجرف معه كل ما لا يجيد التعامل معه، وتوظيفه بشكل إيجابي.

أذكر أني دخلت عالم ” الفيس بوك ” قبل 3 سنوات حينما ألح علي أحد الأصدقاء بضرورة أن أدخل هذا المجتمع الافتراضي من أجل التعريف بكتاباتي الأدبية ونشر مقالاتي، وبالفعل بدأت اقضي وقتا لا بأس به من أجل التواصل المباشر مع أشخاص غير افتراضيين في الواقع، فمنهم القراء ومنهم الزملاء من الأدباء وفئات أخرى كثيرة، وأقول بعد هذه التجربة أنها أخذت من وقتي الكثير ومنعتني من القراءة والكتابة، لكنها في النهاية منحتني اصدقاء متميزين غير افتراضيين اذ تواصلت معهم مباشرة، إضافة إلى التعريف برواياتي ومقالاتي، وفي الوقت نفسه، ورغم أن حاجز الخمسة الاف صديق قد اقترب عندي إلا أنني أثرت التمهل قليلا ومراجعة الذات، ومرة كتبت على حائطي من اليأس: الفيس بوك إن لم تقتله قتلك ..!

وأقول في النهاية دائما يمكن الاستفادة من أفضل ما قدمته التكنولوجيا وأنسنتها، والانتباه إلى عدم توظيفها بشكل سيء بحيث تغدو مدمرة، وهذا التوازن الجميل يجعلنا لا نخسر ميزاتها، ولا أيضا البقاء على ذمة القبيلة ووضع الرأس في الرمال …!!

* مؤسس ورئيس تحرير ( ثقافات) 

( عن مجلة الفجيرة الفصلية الشاملة )

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *