عرض شارماتز:صور متحركة بلا أحاسيس


* اروى عيتاني

ضمن منتدى أشغال «أشكال ألوان» كان العرض الراقص «فليب بوك» للكوريغراف بوريس شارماتز. بوريس كرّم من خلال عرضه، مع تحيّة للكوريغراف الأميركي الرائد ميرس كاننغهام الذي اعتبر سباقا ورائدا في فنّ الرقص. بوريس نفسه أسس خبرته في فرقة ميرس. العرض مستوحى من كتاب جسدت فيه مسيرة كاننغهام بعنوان «ميرس كاننغهام نصف قرن من الرقص». فبوريس رأى أن الصور عبارة عن كوريغرافيا قائمة بحد ذاتها. هي صور أخذت من كل عروض ميرس المؤمن بأنّ الرقص يقع بين وضعيتين وبين حركتين، فهو كان من أقوى الكوريغراف للذين طبعوا الرقص الحديث.
عرض «فليب بوك» لم يحمل أي جديد. بوريس شارماتز استوحى فكرته من وضعيات راقصة لصور عروض ميرس كاننغهام، فرأينا صورا متحركة. كان الجو أشبه بشخصيات تحتفل بمناسبات حميمة فيما بينها بصور جميلة، حركات نظيفة، متناسقة، أجساد مطواعة، لا أكثر. عرض لم يقم اصلا على احاسيس الراقص، ولم يدغدغ المشاعر، فهو تكريم لكتاب مسيرة، كأنّنا امام كتاب حكايات فتح لتقفز خارجه الشخصيات، كلٌّ في لون أشبه بساحة شعبية، تجمّع عندها شبّان يحبون الرقص. فلم نملك الوقت للتفاعل الكامل معهم، لسرعة الانتقال من صورة لأخرى، حيث حمل كل مشهد فترة وعصر وجو راقص مختلف، من ديسكو للكلاسيك شكل عصري، مع بعض اللحظات التمثيلية الإيمائية وإيحاء بأن كل راقص يرتجل في ما يقوم به. نفحة منعشة متواضعة أحسسناها في البدء من خفة الراقصين المتناهية، لكن «لحدّ هنا» وتوقف العرض عن انتاج وفبركة المتعة. من صفحة لأخرى وحركة وأخرى دار كل شيء في فلك طبيعي، في تركيب الحركة الأصلية للكتاب بنظام خالٍ من الإثارة. تسلل إلينا بعض الضجر بالرغم من الألوان والإنارة القوية. ضجر من حركات لم ترغمنا بقوتها على الانجذاب لها. فهي هادئة جدا، نقية، سلسة تنم عن راقصين يتمتعون بكل المواصفات الجسدية، لكن هذا وحده لم يكن كافياً لرفع العرض الى مستوى الرقص الجميل. بوريس كان حريصا على نقل كل الصور من عروض ميرس، ورأينا لعبة الايقاعات الدقيقة والتوازنات في الحركة، لكن المدروس هذا لم يأخذنا إلى عالم مدهش. فليب بوك بقي عرضا بعيدا عن امتلاك الروح وخطفها، والمتعة لم تودعنا على الباب فخرجنا من دونها.
_______
* (السفير)

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *