«خلف أشجار الصنوبر»: دراما حياتية معقدة


*

التكهن بأحداث وتفاصيل فيلم «مكان خلف أشجار الصنوبر» الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية بلا شك أمر صعب، فهو أحد تلك الأفلام التي تعتمد كثيراً على عنصر المفاجأة التي قد تأخذك في متاهات عدة قادرة على قلب موازين الأحداث، وبرغم ذلك يبقى فيه جرعة عاطفية مكثفة، تعيد قراءة ارتباط الشخص بالمكان لما فيه من ذكرى عزيزة على القلب.

ارتباط الأمكنة
من خلال الفيلم، يطل علينا مجدداً المخرج الأميركي ديريك كيانفرانس وهو صاحب فيلم «فالنتاين الأزرق»، ليثبت أنه بات من أكثر المخرجين الجدد الذين يتوقع لهم المساهمة في تغيير خارطة السينما الأميركية، ففي فيلمه «مكان خلف أشجار الصنوبر»، والذي تولى كيانفرانس تأليفه، يحاول أن ينقل لنا دراما حياتية معقدة، يقترب فيها بشدة من شخصيات الفيلم نفسها، ليعكس لنا ما في داخلها، ومدى ارتباطها بالأمكنة، ويتطرق من خلالها إلى وجوه الفساد المتعددة وأشكال متنوعة للسرقة.
وذلك عبر ثلاث قصص معقدة في تركيبتها ومتداخلة بشدة في خيوطها، يجمعها قاسم مشترك هو البحث عن السلطة والحصول على المال، ولذلك سيجد المتابع للفيلم نفسه أمام شاب يدعى «لوك»، يلعب دوره ريان غوسلبيغ، يحترف قيادة الدراجات النارية، يضطر إلى ممارسة السرقة تحت تهديد السلاح من أجل تأمين حياة جيدة لابنه الذي يأتي نتيجة لعلاقة عابرة ويولد بعيداً عنه، ويلقى «لوك» حتفه على يد شرطي يلقب في ما بعد بـ«البطل».
ويسعى للحصول على وظيفة مرموقة بأسلوب الابتزاز بعد مواجهته لمجموعة من رجال الشرطة الذين يمارسون السرقة أيضاً عبر استخدامهم لصلاحياتهم الممنوحة لهم بموجب القانون. ليبين لنا في القصة الثالثة مدى تأثير ذلك في حياة الأبناء أنفسهم، حيث يبحث كل واحد منهم عن شخصيته في والده.
عناصر المفاجأة
استبعاد بطل الفيلم ريان غوسلينغ، والذي قرر أخيراً الحصول على التوقف مؤقتاً عن التمثيل، من الأحداث بقلته في منتصف الفيلم، مثل أبرز عناصر المفاجأة التي اعتمدها المخرج ليتمكن من شد الجمهور وإدخالهم في تفاصيل قصته الجديدة التي يغيب عنها غوسلينغ ليحل مكانه ولده الذي يسير على خطى والده في إشارة من المخرج إلى أن «فرخ البط عوام». يذكر أن الفيلم حصل على إشادة واسعة من النقاد، بحصوله على 8 درجات، علماً بأن إيراداته تجاوزت حتى الآن حدود المليون دولار، فيما بلغت كلفته الإنتاجية 15 مليون دولار.
نقد
«الفيلم يحمل ما يكفي من الألفة والمفاجأة»، بهذا التوصيف قدمت كريستين تبلوستون من صحيفة «مينابوليس ستار تريبيون» نقدها لهذا الفيلم الذي وصفته بالملحمة، أما الناقدة آنلي آيلنغسون من مجلة «بايست»، فنجد أنها ذهبت إلى أبعد من ذلك، حيث قالت: «بعد نجاحه في فيلم «فالنتاين الأزرق» يواصل ديريك كيانفرانس عملية استكشاف الروابط الأسرية وارتباطها بالمكان نفسه». وأضافت: «لقد نجح كيانفرانس بهذا الفيلم في تقديم جرعة عاطفية مكثفة، اقترب فيها من الشخصيات نفسها، في صورة بدت حميمية وواقعية جداً».
_______
(البيان)

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *