المخرجة سالي الحسيني: أخشى على حقوق المرأة


*حوار: ليز هوغارد / ترجمة: نجاح الجبيلي

سالي الحسيني مخرجة وكاتبة سيناريو من أب مصري وأم ويلزية لفتت إليها الانتباه في فيلمها الروائي الأول “أخي الشيطان” الذي فاز بالعديد من الجوائز وفي هذا اللقاء الذي أجرته معها ليز هوغارد من صحيفة الغارديان تتحدث الحسيني عن تجربتها السينمائية الأولى والتحديات التي واجهتها.

فاز فيلمك “أخي الشيطان” بجوائز في مهرجانات “صندانص” و”برلين” و”لندن” وهو يتحرى ثقافة العصابات الذكورية. ما الذي جعلك تختارين هذا الموضوع؟ 
أردت أن أتحرى أهمية الذكورة والفحولة. لقد عشت في “هاكني” لمدة عشر سنوات. كنت أستطيع أن أرى الصبية المراهقين وهم يتجولون حول منطقتنا وقد أثاروا فيّ الاهتمام وبالأخص الصبية العرب الذين لديهم تربية ثقافية أنتمي لها. 
في البداية كنت أهتم بالعصابة كعائلة بديلة. لكن ما أن عرفت المزيد عن الصبية انسحبت إلى صراعاتهم. كانت خلفيتي في الفيلم الوثائقي. قضيت الكثير من الوقت في صحبتهم أستمع إلى قصصهم. شهدت محاولاتهم لتحقيق السعادة وصراعاتهم للحصول على وظيفة. 
احتاج الفيلم إلى ست سنوات لكي يكتمل فما الذي دفعك إلى الاستمرار فيه؟
كان هناك حماس للبدء في اختيار الشخصية الرئيسة من أحد أفراد العصابة كونه شاذاً. وكنت أيضاً عازمة على أن الفيلم ينتهي برسالة تحمل الأمل. اعتقد كصانعة فيلم بأنه يتوجب عليّ أن أحمل مسؤولية ما تنتجه في العالم. 
هل الأمر محبط لك حين يسأل الناس عن السبب في أن امرأة تتحرى مثل هذا الموضوع الذكوري؟ 
انظر إلى ألمودوفار- لقد صنع أفلاماً عن النساء والناس الذين لا يرف لهم جفن. افترض أني دائماً كنت جزءاً من صبي. لقد كان ثمة اقتباس من فرجينيا وولف بأن كل الكتّاب يجب أن يكونوا مزيجاً من الذكورة والأنوثة. وحين قلت لو أني كنت رجلاً أعتقد أني ما استطعت أن أدخل العالم بالطريقة التي فعلت بها. لم أحمل تهديداً. كما أن كونك عربياً ومسلماً هو شيء يساعد على ذلك. 
تقولين أنه يدور حول سلطة الحب غير المشروط؟ 
بالرغم من أن الفيلم يمس قضايا التحيز والهوية فإنه يدور أيضاً عن الأخوة وتحطم البطل – ما يحدث للابن الأصغر المدعو “مو” حين لا يستطيع أن يتعامل مع حقيقة الأخ الأكبر “رشيد”. هل تستطيع أن تتغلب على الانحياز والأمور المتأصلة فيك؟ كل من الأخوين يجب أن يتواجها كما هما في الواقع إذا ما كانا قادرين على حب أحدهما الآخر. 
انفجرت الاضطرابات في “هوكني” في اليوم الذي بدأتم فيه التصوير؟ 
كنا نجرّب الكاميرات في “مير ستريت” – بالرغم من أننا لم نسمح بالتصوير لأسباب تتعلق بالتأمين. بالنسبة لي كانت الاضطرابات تخفي تحتها السبب في محاولتي أن أنمي المال لهذا المشروع. لم يكن لديّ الوقت حين كنا أكثر احتياجاً لنرى وصفاً نزيهاً لهذا العالم وشبابه المحرومين من حقوقهم الشرعية. 
كيف التقى أبوك مع أمك؟ 
كان أبي مصرياً وأمي ويلزية. التقيا في الجامعة في ليفربول في الستينات. ولدت في “سوانسي” لأسباب تتعلق بجواز السفر- أمي تجيد مثل هذه الأمور!- ثم نشأت في القاهرة. كان أمراً صعباً لها أن تعيش في مصر في الستينات لكنها بالتأكيد المرأة القوية في العائلة. حين بلغت السادسة عشرة شجعتني على أن أهجر الوطن وأدخل كليات العالم المتحدة التي تقع في جنوب ويلز والتي كانت تجمع طلاباً من كل أرجاء العالم كي تشجع على تلاقح الحضارات. كوني صانعة فيلم كانت القابلية على التقمص العاطفي هي التي سمحت لي أن أدخل إلى قلوب الشخصيات التي صنعتها. 
هل كنت تحبين القصص حين كنت طفلة؟ 
كتبت شعراً وطورت قابلياتي في التصوير الفوتوغرافي. لم نكن نحضر إلا القلة من الأفلام لأننا نتكلم الإنكليزية في وطننا وذهبت أنا إلى مدرسة أميركية. هذه القلة من الأفلام التي شاهدتها كانت لها تأثير كبير عليّ. اليوم السينما التي أحبها هي السينما الشعرية التي تشبه الأحلام. 
ألم تدخلي إلى مدرسة للفيلم؟
درست العربية وسياسات الشرق الأوسط في “درَم”. اعتقد أن حياتي تشوشت بسبب عدم دراستي للفيلم. ثم وجدت هذا المكان الذي يسمى “فنون المملكة المتحدة العالمي” الذي فيه مخرج مسرحي تولى تعليمي كمتدربة. ثم حصلت على عمل كمنسقة إنتاج مساعدة في الأفلام الوثائقية في الشرق الأوسط. لكني بدأت أثير مسائل أخلاقية بشأن الصحافة الاستقصائية. كنت في بغداد خلال الحرب على العراق عام 2003 وقد أخذنا آمراً سابقاً في جيش صدام إلى بيته. قابلت زوجته وبناته اللاتي لم يذهبن خارج العراق لعدة سنين لأنه خشى على سلامتهنّ. علمهنّ كيف يطلقن الرصاص. وأتذكر أني فكرت:” تلك هي القصة الحقيقية. كيف تعيش داخل أربعة جدران”. جعلني هذا الأمر أدرك أني أردت العمل في رواية. حصلت على عمل كمصححة سيناريوهات في “دراما البي بي سي”. ثم بدأت العمل في أفلامي الخاصة. 
فيلمك الأول القصير بعنوان” ليلة حنة” يدور عن امرأة شابة في علاقة شاذة.
أنا أهتم بالناس الذين على هامش المجتمع الغرباء والمنبوذين. لكوني مصرية ويلزية- نصف من مكان والنصف الآخر من مكان آخر- فإني أرى كلا الجانبين من كل شيء. وكأنك لديك شخصية منفصلة لأنك تبحرين في كلا العالمين. 
كيف تتعاملين مع حفلات الجوائز؟ لقد تم ترشيحك للقليل منها بضمنها جائزة الشباب الواعد في “جوائز الفيلم البريطاني لـ الأيفننك ستار” في الشهر المقبل.
قبلت جائزة الشباب الواعد من “نساء في الفيلم والتلفاز” في حذائين غير مريحين. وبعد أيام قليلة في “جوائز الفيلم البريطاني المستقل” وكان لديّ تقرحات فظيعة. لم استطع الحصول على أي حذاء. في متصفح “غوغل” وجدت بأن المتنزهين على الأقدام يلفون أقدامهم بالشريط في طريقهم إلى الجبال لذا فعلت ذلك. وذلك يوجز كم كان غريباً هذا اللباس الرسمي. 
هل عدت إلى مصر؟
لم أعد إلى مصر منذ الثورة. لديّ الكثير من الأصدقاء الذين كانوا في ساحة التحرير لكن بالتمزق بين العناصر الدينية والدنيوية في البلد أخشى العاقبة التي ستكون. لقد رشح فيلم “أخي الشيطان” إلى جائزة في مهرجان القاهرة السينمائي- وكنت متشجعة جداً. ثم أخبرونا بأننا لم نعد مدعوين لأن وزارة الثقافة استبدلت المدير الفني وأعادت برمجة المهرجان. أخشى على حقوق المرأة وهن ليس لديهنّ تمثيل في الدستور الجديد. 
ما هو جديدك؟
فيلم آخر في لندن. يدور أيضاًَ حول الناس على حافات المجتمع لكني لديّ ما يكفي من الصبية المراهقين لفترة وجيزة!
____________________
* صحيفة الغارديان

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *