مهرجانات القرّاء والكتّاب


*لطيفة الدليمي

تُقام في جميع أنحاء العالم مهرجانات (القراء والكتّاب) التي يسهم الروائيون وكتاب الأجناس الأدبية الأخرى (قصة – مسر ح – روايات مصورة كوميكس) بحضور أعداد كبيرة من القراء الذين يودون إجراء الحوارات مع كتّابهم المفضلين، ويقوم الكتّاب بقراءة فصول من رواياتهم أمام المشاهدين، ثم تجرى النقاشات وجهاً لوجه مع القراء، وتعقد هذه المهرجانات التي يحضرها أدباء من أنحاء العالم بعيداً عن أجواء معارض الكتب والتسويق إذ يكون هدفها الأساس إيجاد تواصل حيّ بين الكتّاب وقرائهم، ويجري تبادل لخبرات فن الكتابة وأسرارها، يقدمها أساطين الرواية والقصة، كما يجري تبادل خبرات ومهارات القراءة ، ويتعرف القراء والكتّاب على رؤى وأفكار جديدة عن الحياة والمستقبل.

ومن بين أشهر هذه المهرجانات في العالم(مهرجان أوكلاند للقرّاء والكتّاب )الذي يُقام منذ سنة 1999 في نيوزيلندا وتديمه المنظمات والجمعيات المعنيّة بالكتب والقراءة، وهناك مهرجان مدينة فانكوفر الكندية للقرّاء والكتّاب الذي يحضره كتّاب عالميون منذ 25 عاماً، يسهمون في القراءات واللقاءات والحوارات المباشرة لاكتشاف الأفكار المؤثرة والثيمات الجديدة التي تنبثق عبر المناقشات. ومن بين المهرجانات الشهيرة التي تجمع القرّاء والكتاب على صعيد واحد (مهرجان أوبود للقرّاء والكتّاب) في جزيرة بالي الاندونيسية الساحرة، ويعقد هذا المهرجان تحت عنوان (عبر الظلمة نحو الضوء) وقد خصّص هذا العام لكتابات وروايات النساء ومناقشة حقوقهن في الحياة والتعليم وتحضره الى جانب أعداد القرّاء والقارئات روائيات وكاتبات أدب الرحلات وكاتبات المسرح والأغاني وروايات الكوميكس المصورة، وفي استراليا يُقام سنوياً مهرجان بيلنغن للقرّاء والكتّاب، وهناك عدد كبير من مهرجانات القرّاء يتجدد ويزداد كلّ عام في مدن العالم، وفي مدريد هناك عيد للقراءة يفتتح في يوم ميلاد(سرفانتس) مؤلف رواية (دون كيخوتة) حيث يقوم أدباء وشعراء وممثلات وربّات بيوت وعاملات وعمال عابرون بقراءة مقاطع من دون كيخوتة يتبادولون الأدوار طوال 48 ساعة ليل نهار حتى ينتهون من قراءتها في المقاهي والشوارع والساحات.

ويبقى مهرجان أوكلاند السنوي من أهم وأكبر مهرجانات القرّاء والكتّاب، فقد بدأ في دورته الأولى بحضور خمسة آلاف مشاهد وقارئ وكاتب، ووصل عدد الحضور في دورته الأخيرة نحو 29 ألف مشارك ، يدعو منظمو المهرجان كتّاباً من بلدان العالم ويستمع القرّاء والمشاهدون الى محاضرات وشهادات الكتّاب عن مهنة الكتابة وأسرارها واتجاهاتها، وتجرى الحوارات المباشرة بين الكاتب وقرائه، ويؤمن منظمو هذه المهرجانات بقوة الكلمة المكتوبة وسلطتها على القراء، مثلما يؤمنون بقوة القراءة وتاثيرها في تغيير حياة البشر، لقد أدركوا عبر نجاحهم – حاجة الناس الى معرفة المزيد عن فن الكتابة من أفواه منتجي الأدب أنفسهم من دون وساطة من ناقد أو صحيفة، ويتبادل القرّاء مع الأدباء خبراتهم الحياتية ويستفيد الطرفان من هذا التواصل الحيّ ويؤكدون على أهمية التواصل المباشر بين منتجي الإبداع ومستهلكيه، من أجل التخطيط للمستقبل، ويتطلب كلّ ذلك الإطلاع على المهارات الأساسية للقراءة والكتابة التي تخدم وتعزز في النهاية- خبرات ومهارات الحياة ذاتها لدى المشاركين.

ويعدّ منظمو مهرجان أوكلاند تجربتهم تجربة عالمية مرموقة لها كبير الأثر في الذوق العام للقرّاء، حيث يخرج فيها الأدباء من رفوف مكتبات قرائهم الى الحياة لخلق علاقة حيّة متواصلة بينهم وبين قرائهم، وبينهم وبين أقرانهم من أدباء العالم حيث تتلاقى الأرواح ذات التوجهات المتناغمة.
____________
* روائية وأديبة من العراق.
(المدى)

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *