المبايعة


عبود الجابري

لمْ تكنْ ظنوناً تلكَ الَّتي أسكنتُها الغرفةَ الفارغةَ في البيت

والعجيبُ أنَّني
كنتُ أتفانى في خدمتِها
أحمل لها ما يتيَّسرُ من الماء والطعام
أطرقُ بابَ الغرفة بخجلٍ
ولا أدخلُ حتّى يؤذنَ لي
ولم أكنْ أستطيعُ التذمُّرَ
منْ صراخها
الذي يشبه صوتَ احتكاكِ
قطعةٍ نقدية
بسطحِ صفيحةٍ فارغة

لم أكنْ أستطيع
أن أسرَّ لنفسي بذلك
أو أن أعلنَ على الملأ
أنني شبيه بظنوني
في التسلُّطِ

لكنني خادم أمين
في حضرة المسافة
بين الشك المعافى
واليقين العليل

خادمٌ متعبٌ
ينام عند قدمي سيِّدِه
ويغنِّي لهُ حتّى ينام
ويسترُ مايرى من أَذيال عورتِه
يشرب ما يتبقَّى في قاعِ كأسِه
ويأكلُ فضلةَ طعامه
ويقرأ له في النهار
عناوين الأخبار

– في العادة يمر مروراً سريعاً على أخبار البلاد –
يزيّن له حماقة الغبار
ويشكر الهواءَ الذي عثرَ أخيراً
على شيءٍ يحملُه من ترابنا
ويسردُ له
حكاية الرجل
الذي كان يسكن بيتاً
مؤثَّثاً بالظنون
فأسكنها غرفة فارغة
وبايعها
حين لم يجد
في حاشية العمر
ما يستطيع قراءته
من اليقين

* شاعر من العراق يعيش في الأردن

( موقع 24 .ae )

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *