من احداث مسرح تجريبي


بسام جميل *

تصعد وجوه باسمة الى السماء ، تنظر من علوها إلى ما هو دونها خلل السحاب .
يا لخيبتهم : يظنون أن الجنة تستقبلنا ! ، يكفينا صمتهم والظنون . !
ايها الاغبياء : الجنة لا تستقبل الأشلاء بل تعيد ترتيبها من جديد وتركيبها كما لم نشته يوماً .
تزرع الأرض في كنفها بذوراً من كبرياء ، فيتجدد عطاؤها بمثلنا . وتعمد الطريق المقدس بالدماء . هناك لم يعد يعنينا لون أو رائحة لا تمتزج بعنفوان المسك او ابتسامة ” قدس الله سرها” ، تلك التي تشتهيها الملائكة بوجه السلام . ابتسامة أطفالك يا شام .

عذراً يا فجر يومي ، لا نشتهي موتاً مسجى على ورق ابيض وصقيل .
أراني في صلاة .
اراني في خيوط ضوء.

**
في الأصل كان الصمود .
ثم أصبح فجرنا ولادة الموت اوموت الولادة ، فكم أنت صامد يا وطني لتخوض الإرادة.!
كلام يحبو في مذياع وقت .
– أعذرني . لم أفهم شيئا مما تقول .؟
– سأعيد . جل معناه في النواة و القشور.
– بقدر ما تملك من أدوات ، فأنت تملك أقرب سبيل لمضغها والوصول .

**
أيها الموت :
تقمص ليوم واحد غربة اللجوء ، وتخلص من عنفوانك كي تتذوق طعم حقدهم علينا . و تنفس رائحة كيدهم وتعطر بدمنا النازف .
الآن . الان في هذه الساعة قل لي” بالله عليك” : من أثقل مطرقة على أرواحنا : هم أم أنت؟!.
**
تململ من فراغ الوقت حوله ، فأخذ يوارب القلم فوق صفحة بيضاء تتكأ على زجاج مكتبه.
لبرهة نسي نفسه . فعاد لصحوته: لقد تأخرت على الموعد ،! همَ مسرعاً باتجاه سيارته المتعبة أصلاً , فحملها على السير نحوحديقة بعيدة .
فدخلها دون وعي يتفقد مداها الاخضر .” لقد تأخرت يا عزيزتي خمس سنوات فقط . كتب .
تنهد بحرقة ، وجلس على مقعدهما المعتاد.
انتظر طويلاً ، طويلا انتظر . ثم طار الأمل بحضورها .
فجأة أدرك أن الورقة ما تزال بيده والقلم معلق بها ، فنظر إليها وتبسم معاتباً قلمه:.
ظننتكِ لن تأت فخفت عليك . !
لم يكتفي بضياع الوقت ، بل صرف المزيد من العتب على الأمس فمر يومه من أمامه دون أن يدركه .
لو كان أمسه كتاباً يقرأه لوجد فائدة تتخفى في بعض الدروس ، لكن مرجعيات العقل مهزوزة الإرادة ، وتحتاج دائماً لتملق المشهد بالسطور لتمنحك شرعية مفقودة قبل الانشطار.

**
أقف منتصف البوصلة المعطلة .
قيل لي: كل ما حولك شام ، وما خلف حدودها تقبع أمة العرب , وتقبع .. يليها ما يليها ، فلم الاهتمام ؟ .
خط بصرك أفق ممتد : من هنا صفر يتوسط عبقرية الأرقام ، ما جادلوه إلا وغلبهم .، هكذا هو خصم عنيد لا يعرف هزيمة ، فهو أصل التميمة.
بقيت لي واحدة ، بقي لي واحد . عين واحدة . عين لصباح ، بأذن واحدة وبأنف لا يعمل ، بلا ساق ، ويد بأصبع فقط .
لا تلزمني ثنائية الأعضاء : فالقلب واحد واللسان ايضا .لا حاجة لي بما يستهلك مزيداً من شحوم التراب! .
لن أستعيض بأي عضو خشبي لسد حاجة .
أتعلم .؟ رأيت صورتي في احد صفحات مجلة غربية ، ولم أفهم حينها ما علق بها من حروف ، فتلك ليست لغتي .
اذكر انني دهشت حينها وتساءلت : ما الغاية من صورة لي في بلادهم ؟ اليوم أظنني أجزم بيقين العارف بأنه كان إعلاناً لمن يرغب بأن يحصل على أفضل وآخر التطورات التقنية لتخفيض انبعاث الغازات الضارة بطبقة الأوزون ، وللحفاظ على كوكب أخضر!. .
كان لا بد من خفض حرارة الأرض قليلاً ، اذ ربما نحتاج لبضع درجات أخرى لان المشوار ما يزال طويلا طويلا .
أظن بأن “الغرب” أدرك أن أفضل هدية لنا هي هذه التقنية كي نحافظ على ما تبقى من وجه الشرق ” المشرق دوما “.!.

**
لا توجد حجوزات لهذا اليوم . أمتلئ الموكب وأنطلق بدوني. في الغد ربما . اقول ربما قد احضر قبل الجميع .

**
بماذا سيرد سيد الفطرة على تهويل عصى المتقمصين.؟!

**
سيفك عدل إذا أصاب مقتلاً وإلا : دعه لعفن غمده!.

**
لله فوضت أمر المقلتين .
فاالشام جريحة الوجد بين نبضتين ، مقدسية العزة بين محرابين ، حادة الصرخة تسأل سداد دين، وتعد رياح عنبر الطيب بين دمعتين ، تمد رحيق الجوف وصلاً بالقبلتين .
لله فوضت أمر المقلتين .
دهشة اثر دهشة .
لا . تعودنا الخيبة في مضارب ” عرب” زماننا .
حسبي الله وحده .!

**
أماه .
نبت لي جذر في بلاد غريبة وأمتد حلم ليصيب فجر حقيقة او
مغامرة لعابثين ، فتحولت لميدان يشبه انشغال روما بمجدها قبل السقوط المدوي .!
لن يخجل أحد أن تروي ظمأك بالملح أو بالرصاص الذي خبا وميضه منذ امس الاول .
في البلاد الغريبة ظهر لك سند على ضعف حاله ! ، تماما كما تعود نا زاد صراخه ، تعرية لمن ادعى أنك في صلب خبز يومه .
هي الأندلس يا صديقي . هي الاندلس لعل نسيم ماضي قد عبر مصادفة فأثارريبة في نفوس الواثبين نحوك .
أماه تعني لفظا أمي باللغة” الكورية!”

**
عندما تعود لمسرح تجريدي ، سأكون حاضرا للتعري ثانية امامها .!

*   قاص وكاتب فلسطيني يقيم في دمشق .

شاهد أيضاً

طه درويش: أَتكونُ الكِتابَة فِردَوْسَاً مِنَ الأَوْهامْ؟!

(ثقافات) طه درويش: أَتكونُ الكِتابَة فِردَوْسَاً مِنَ الأَوْهامْ؟! إلى يحيى القيسي لَمْ نَلْتَقِ في “لندن”.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *