هديل الجمر


فضيلة مسعي *

( ثقافات )

للمسام هديل
يبعثر جمر الروح
يختلط بالرماد
ينسكب في فنجان الجدة
تطحنه شعيرا للحصان الجائع في ابتسامة طفل صغير
تجرجر ذكراها خرق طحالب القلب
ترشق بشظايا السراب رذاذ الفجيعة
ينهمر من المحجرين الحزن
يختبئ في أضلع الخوف
في شقوق الصمت
وفي أردية الطين صراخا مكتوما
تنز من العذابات الروح
تميد في الدم جلدا مسلوخا
و تتورم في المرآة كرة قدم
خارطة قهقهات المحن
نزف الوجع
صرخة المشيمة المسروقة
و أنين الماء في البراد
ذلك هو الوطن
تحلج الهوى بالهواء
لباب أنفاس النوى
و اكتواء النخيل بالندى
ذلك هو الوطن..
(2)
عود رند
عطر
كحل
أحمر شفاه
و موج بحر في كأس يتشقق
هو ذا طرح كل ليلة في كف النساء
لوعة اللغة في ثغاء الشياه
و تجرع المر في قهوة الصباح..
يبكي البكاء علينا
يتقيؤنا الظل في ظلنا
تبحث أرواحنا عن أجسادنا
و أجسادنا عن اللحم والدم فينا
تتأبط سدرة المنتهى الجمال في المعركة
تموت القصائد بين الحناجر و الشفاه
ترتبك الفصول
و الأوسمة
يغادر الربيع وهج الأصابع
و غليون شيخ قيل انه رسم ذات مساء بيتا له
هبت عاصفة
طارت الورقة
و بقي الرسام جالسا في العراء..
نادته نخلة مجاورة
لا تبحث عن بيت
سقراط كان مشاء
و المعري تعرى من كل شيء إلا من اسمه
يعود الشيخ من جديد للورقة
يخاتل بياضها
باحثا عن بيته القديم في سديم الحبر
و شفيف الورقة…
(3)
( نعيمة) ما خرج من شخروبه
ولا (الغربال) أتى بغير النوى
جبران يا جبران
أجنحة عشقك تاهت
تكسرت
و تبعثرت في الهواء
و نبي حرفك ظلمه قوم الردة
مات على شفة زيادة
قبل موتها بظلم الأحبة
و خراطيش الهوى…
طوقت بطوق النار
جدار عزلها عن صدرها
شائك السلك النابت في هدبها فدوى طوقان…
نزار شردته كلماته بين العواصم
غرف الفنادق
الماس
الأبنوس
و العاج
أحمر الشفاه
الحرير
الساتان
وما عرف طريقه إلى حبيبته
وطنه
زرقة عينيه
أو صورة وجهه في المرآة…
الجاحظية بأرض المليون شهيد
ترفع الستار في كل عام عن ملتيميديا الكلام
شدو الروح الغائرة في الكثبان
رجع صدى صوت الجاحظ المئن تحت الرقاع
صرخة الشابي
و مفدي زكريا في الأصقاع
نبحث في فضائيات
مسارح
وألوان
عن أرشيف دمائنا
محطات نقائنا بخيام جلودنا على الواب
تدفق ماء خصوبتنا على الأف-آم
نبحث عن بلابل ترشدنا إلى حناجرنا
ترمم هياكل العظم فينا
وتعيد إلى أرحامنا طرح نسلنا بأرض الأجداد…
(4)
على الأثير و عند الظهيرة
كنت مع الماغوط
الزمخشري
ابن برد
وأبي تمام في ساعة حوار..
أوراق الورد تظللنا
و ماء العطر في الأكف للأحباب
تحادثنا
تجالسنا
شربنا من معين الشعر
و تلذذنا بفاكهة الكلام..
بالهاتف كان معنا المتنبي
المعري
ابن زيدون
خليل حاوي والرصاصة برأسه
قلت ما جدوى الشعر في عصر كالعصر
في وطن كالوطن
ومع ولد كالولد
و حبيبة كالتي عندي
تبتسم لي
وتبتسم للذي بكتاب الوجوه
msn وال
قال ابن ربيعة على الطرف الآخر
ليتني أكون من هذا العصر
لأسرق من حضن الرجال كل النساء وأمضي
أي عصر هذا ياابن أمي
أي شعر
و أي أدب
كثر المشي في الوحل
و ارتشاف الأحلام المتهرئة بشفاه مثقوبة
و مزمار أم الأمم…
أعواد الثقاب تتناثر من عيني
شرشف يلعق بلسانه نتف الريش
و رخو الفجيعة في الدمن
طفلة تخبئ وجهها بجوربها
تتخيل
و تتخيل
تتخيل أنها نعامة
تغرس رأسها في الرمل
و تترك الرصاص يمر
يباغتها الصياد
يتربص بجلدها و بيضها
يغزل من المح شعر حسنائه
و بالزلال يستنسخ كالنعجة الدولي أحفادنا
تتجمهر في عروقنا الخيبات
و تتحجر القبل
تعود ناقة البسوس من جديد
تشعل الفتنة في قنديل العتمة
وورق اليانصيب
يضاجعنا الشوك
نتوق إلى تنافر الصفوف من جديد…
(5)
فنجان شاي
لفافة سجائر
شاشة صغيرة في ركن الغرفة
سرير
بائعة هوى
تذكرة سفر الهوية إلى اللاهوية
التشرذم
التشتت في المتاهة
و العفن…
(6)
دثريني يا جراحي
بحشرجة درويش ساعة الألم
ووجع الجواهري عند فراق الصحب
الولد
و الوطن
(7)
مثل جثة ارتميت في غربتي
لا رجفة تهزني
لا إحساس
ولا هوجاء ريح ترجني
طافحة أنا في مذلتي
كل يوم يحترق شجر الزيتون في كفي
و يتهاوى النخيل إلى الأرض
تبكي ملكة الخلية عقم النحل
جبالا
تلالا
حدائق
ووديانا تحكي مآسي الإنسان ….
(8)
صقيلة الملمس كحصاة مأساتنا
نزدردها كل يوم مع غذائنا
نحن شعب أدمن مأساته
كما أدمنت بعض الشعوب الحشيش
الكوكايين
و المورفين
دمنا كرنفال كبير يحتفي بألوان هزائمنا
و بحشود الموتى في وجوهنا
مرآتنا قفل أسرارنا
و الأبواب متاريس جراحنا..

* شاعرة من تونس

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *