أعمال سهى شومان…مزاوجة بين الخيال والواقع



هدا السرحان *

( ثقافات )

في قصيدتـــه عــــــن عشقــــــــه للشــــام قـــــال الشــاعـــر العـــراقي عبد الرزاق عبد الواحد: “من يسكن الشام تسكنه” وأقتبس عن الشاعر الكبير لأقول: من يسكن البتراء تسكنه.
عندما نتحدث عن تجربة الفنانة التشكيلية سهى شومان لا بد من المرور بالبتراء والتوقف عندها وفيها، لأنها الفنانة العاشقة للمدينة الوردية والمبهورة بتكوينها وتاريخها.
هي إبنة السياسي الفلسطيني الراحل أحمد حلمي عبد الباقي وزوجة المرحوم خالد شومان، ظلت وفية لموروثها العائلي وأسيرة لطفولتها ونشأتها، كما هي وفية لموطن ولادة موهبتها حيث تجذرت تجربتها الفنية وعاشت مسيرتها وتواصلت من دون توقف.
قد تمثل البتراء مرحلة متقدمة في مسيرة سهى شومان، التي تخرجت من معهد الفنون الجميلة بعمّان، لانها فنانة راصدة لمحيطها الجمالي متفاعلة معه وقد أغوتها المدينة الوردية التي امتلأ قلبها باشعة الشمس مزهوة بلون الزهور البرية المتناثرة على سفوح البتراء.
رسمت شومان تلك الصخور الوردية الراسخة في موقعها بكبرياء يعانق الريح وهطل المطر، كما العــــناق بين ثنائيـــــة الــــزمان والمـــــكان، في حـــــوارية بين الداخل والخارج حول حكايـات التــــاريخ واســــاطير الامم الغـــابرة.
في أعمالها رسمت البتراء، في مزاوجة بين الخيال والواقع فكشفت جماليات ما وراء الصورة في مساحات متداخلة متحركة بين الظل والضوء، ومتموجة بين البحر والرمل، فهي اي الفنانة شومان جذبها الرمل المتحرك المرتبط بالزمن منذ اكتشاف الساعة الرملية..التي حبست الوقت وربطته بذرات الرمل المتحركة.
تابعت الفنانة سهى مسيرتها ومراحلها مستفيدة في تجربتها من الاصل والموروث وعشق المكان ورائحة التاريخ وتخطت في طموحها دائرة الابداع الفني فارادت ان يكون لها لمسات وبصمات واضحة في دعم وتنشيط حركة الفن عامة من رسم وموسيقى وسينما من خلال افتتاح “دارة الفنون” في جبل اللويبده، وهي الدارة التي كان لها دور كبير وفاعل ومميز في تنشيط ودعم الحركة الفنية الاردنية والعربية فكانت ملتقى للفنانين والمبدعين، يقيمون فيها معارضهم التشكيلية ويعقدون ندواتهم الثقافية، ويعرضون تجاربهم السينمائية، ويقدّمون حفلاتهم الموسيقية.
ولكن هذا الإنجاز لم يحد من إبداع الفنانة التشكيلية سهى شومان بل كان حافزا لانتقالها الى مرحلة فنية اخرى متطورة تمثلت في فن “الفيديو آرت” حيث انجزت عدة اعمال فنية منها “الزمن والضوء”، “إنني في كل مكان”، “بيكفي مشان الله” و”بيّارتنا” وهي أعمال ظهر فيها عشقها للبتراء وحنينها إلى فلسطين معاً.
حازت على اعجاب النقاد، ونجحت أعمالها هذه في الربط بين الماضي والحاضر موظفة الرابط بين مكانين وزمانين.
وأثبتت في اعمالها الاخيرة ايضاً إصرارها على متابعة المسيرة لأن الفنان الحقيقي لا يتردد ولا يتقاعد حتى لو بلغ ذروة عطائه، لأن على المبدع أن يسير في رحلة لا نهاية لها، طالما تمتع بخيال غني ناشط بمصاحبة وحيه الذي يرافقه بلا استئذان الى اللا أين

* إعلامية من الأردن

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *