المرأة والكتاب: عام من الانتصارات والجوائز الكبيرة .


ترجمة / أحمد فاضل

(  ثقافات  )

في عام 1929 كتبت فرجينيا وولف : ” أن المرأة قد تجد صوتها الأدبي يعلو مع كل قرن آخر يمر عليها ” ، هذه النبوءة تحققت في عامنا 2012 الذي ودعناه بانتصارات باهرة للمرأة العاملة في حقل الكتابة وقد تجاوزت كل التوقعات ، فإذا نظرنا الى الوراء قليلاً سنجد سيطرتها على عالم النشر بصورة مؤثرة وغير مسبوقة ، إضافة إلى فوزها بجوائز عديدة كالروائية الإنكليزية هيلاري مانتل التي أصبحت أول امرأة وأول بريطانية تفوز بجائزة مرتين هذا العام ، فقد نالت جائزة كوستا عن روايتها ” ارفعوا الجثث ” بعد أن نالت جائزة بوكر عن نفس الرواية ، وهي الجزء الثاني من روايتها التاريخية ” ذئب الصالة ” التي تناولت فيها حياة السياسي الإنكليزي توماس كرومويل .
أما على صعيد الكتب الأكثر رواجا ومبيعا في العالم فسنجد الكاتبة الأمريكية إي . إل جيمس صاحبة رواية ” خمسون ظلا للرمادي ” حيث جاءت ضمن العشر روايات الأكثرمبيعا في العالم وبأكثر من 40 مليون نسخة متفوقة على مواطنتها الروائية ج . ك . رولنج التي مزجت الخيال بالتاريخ في سلسلة رواياتها ” هاري بوتر ” ، هذه لحظات فاصلة في تأريخ الكتابة النسائية تفوقن فيها على نظرائهن من الكتاب الرجال كما تقول الكاتبة والصحفية الإنكليزية يندي هولدن التي قدمت للمكتبة العالمية أكثر من 25 كتابا تسعة منها الأكثر مبيعا ، هولدن قالت أيضا في أعقاب إعلان الأسماء النسائية الخمسة لجائزة كوستا العالمية وهن الشاعرة السكوتلاندية كاثلين جيمي عن ديوانها ” الإصلاح ” ، وفرانشيسكا سيغال عن روايتها ” الأبرياء ” ، وماري وبريان تالبوت عن سيرتهما الذاتية ” عيون الأب ” ، وسالي غاردن عن روايتها للأطفال ” برقة القمر ” ، يكفي شعورنا بالرضا عنهن أنهن سحبن البساط من تحت أقدام الكتاب الرجال وكانت أعمالهن رائعة باعتراف الجميع .
يندي هولدن تثير نقطة جديرة بالاهتمام عندما تقف على أعتاب قول أن الكتاب الذكور فقدوا الإبداع في كتاباتهم ولم يعد القارئ يتقبل أعمالهم كما قرأت ذلك حين تمت مناقشة أزمة الكتاب في إحدى الجلسات النقدية حيث قالت :
– أنا لا أعرف ماذا حدث لخيال الرجال ، كان عليهم أن يكون أحدهم ديكنز ، تولستوي ، شكسبير ، الآن أعمالهم هي مجرد حمولة من الكتب باتت تنأى عنها المكتبات ، هولدن ليست في شك من هذا فقد كان العام 2012 عاما تفردت فيه المراة الكاتبة وهو عام الإنجاز الكبير لها فهي كان لها دائما الصوت الذي طغى على صوت الرجال ، كوستا تقدم لها الكثير من الرجال بكتاباتهم هذا العام لكن المرأة فازت بجدارة ما يمكن أن نعتمد قول كاثي رينتزنبرنكو وهي مديرة الاتصال في شركة وترستون المالكة للعديد من متاجر بيع الكتب في المملكة المتحدة ولها فروع أيضا في دول أوربية عديدة ، أن نسبة أعلى من أفضل الكتب المطبوعة من قبل النساء قد تم شراءها هذا العام والعام الماضي ، فالناس قادرون على تمييز الجيد منها وقد لاحظت بالفعل ما يميز هؤلاء النساء الموهوبات ، إنها قدرتهم على جذب القارئ بعد أن كان محط أنظار بعض الكتاب من الرجال أمثال نيك هورنبي ، ديفيد نيكولز ، توني بارسونز ، ماريان كيز وجوجو مويس .
أحد أعضاء جائزة كوستا سام بيكر وهي روائية ورئيس لتحرير إحدى المجلات النسائية الرائجة في المملكة المتحدة أشارت في معرض تعليقها على فوز الكاتبات الخمسة قائلة :
– مع أن أعضاء جائزة كوستا يعرفون بعضهم البعض ويتحدثون حول الأعمال المشاركة وعندما تم طرح الأسماء الخمسة من النساء حصرا لا أقول أن هذا الاختيار قد جاء اعتباطا أو من فراغ مع أن هذا الاكتساح للجائزة بهذه الطريقة يحدث لأول مرة ، لكن بالنسبة لي أقولها اعترافا بأعمالهن العظيمة التي تطلب منهن سنوات كي يحظين بها وقد حان الوقت لوقف الاهمال الذي تتعرض له المرأة الكاتبة وسط ذكورية هيمنت على الجوائزالثقافية عقودا طويلة ، ومع أن خيال المرأة الكاتبة قد يضرب بعيدا فقد وضعوه في زاوية وردية دائما ، لكنه عند الكتاب الرجال دعوه بالخيال الأدبي وهذا لايجوز ونشير هنا الى أن هذا التحيز يؤثر على الكثير من نتاجاتهن ، كما أوجه كلامي الى الناشرين الذين أهملوا خيالها العلمي ولا يميلون الى إدخاله في المسابقات الأدبية وخلال عملية التحكيم كنت اقرأ للكثير من المؤلفين وعلى الفور طلبت من لجنة التحكيم استدعاء كتب الخيال لدى المرأة وهذا ما منحهم المزيد من الثقة وبعيدا عن العملية التجارية التي يؤمن بها بعض الناشرين ، ومنذ ذلك الحين لوحظ وجود اتجاه لدى الكتاب من الرجال هو أنهم أصبحوا أكثر ثقة بالإسلوب الخيالي لدى المرأة مما عزز من دورها حتى على شبكة الانترنت التي نقرأ من خلالها أعمالا تنم عن موهبة حقا في هذا المجال وظهرت آراء عديدة لاستطلاعات الرأي لتؤكد أن المرأة هي من أكثر صناع الخيال في الرواية الحديثة بعد أن كان التنافس محتدما بين العديد من الكتاب الرجال وهذا ما عزز رأي الناقدة والكاتبة الإنكليزية المعروفة أماندا كريغ التي نشرت لحد الآن ست روايات تناولت المجتمع البريطاني المعاصر ، وغالبا ما تكون كتاباتها موجزة ، لاذعة ، وساخرة وتم مقارنة نهجها بكتابة الرواية بتشارلز ديكنز ، والإحصاءات التي ظهرت مؤخرا ليست في صالح الرجال حيث أن الكتب التي نشرت في عام 2012 أشارت لها موسوعة غينيس للأرقام القياسية في أن المرأة كان لها قصب السبق فيها باستثناء كتب الطبخ ، ومع ذلك فإن الهدف النهائي لهن هو تسيد الساحة الأدبية لإعوام أخرى قادمة ولا تحسبوا أنها وجهة نظر منحازة للمرأة الكاتبة بل ما زالت هناك عدة وسائل تمتلكها للذهاب الى ذلك المجد غير الذي لمسناه منها .

كتابة / شارلوت هيثكوت
الأحد 6 يناير / كانون الثاني 2013
عن صحيفة / الديلي اكسبرس

شاهد أيضاً

أبورياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع لإنارة الطريق

الأديب موسى أبو رياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *