لا تنسَ أن تحبني….


  بعد أن علمت الممثلة الفرنسية شارلوت فالاندري أنها تحمل في دمها فيروس مرض نقص المناعة المكتسب “الايدز”، وبعد أن أجريت لها عملية زرع قلب، صدر لها كتاب تحت عنوان “الحب في الدم” تحدثت فيه عن قصتها. ومن ثم أجريت لها عملية زرع قلب عام 2003، فكان كتابها الثاني “في قلب إنسان غير معروف”.

وتروي أنه بعد صدور هذا الكتاب، اقترب منها في الشارع، ذات يوم، شاب خاطبها : “أنقذتِ حياتي”. وتوضح أنه كان ذلك بمثابة شهادة عن معركتها من أجل الحياة. ولذلك قررت أن تكتب كتابا ثانيا كي تعرض للآخرين قصتها، وأبعد من ذلك تقنياتها البسيطة التي تعلّمتها من الأخصائيين الذين ترددت عليهم.

وذلك من أجل أن تساعد أولئك الذين ربما يكونون بحاجة إليها، وكي يستطيعوا مواجهة الأحداث القاسية بإرادة أكثر تصميما، باختصار، وكما تقول، كي يقدم من يواجهون تجارب الفشل أفضل ما لديهم. وهكذا كان كتابها الثالث “لا تنس أن تحبّني”، بعد كتابها الثاني “في قلب إنسان غير معروف”، الذي كان بعد زرع قلب إنسان غريب في صدرها.

ويمثل “لا تنس أن تحبّني” قصة حب استثنائية، عاشتها مؤلفته شارلوت فالاندري، كما تقول. وتضيف “أكثر من ذلك .. إنه قصة مغامرتي الإنسانية، وتبادل المشاعر الأصيلة”. وتعود المؤلفة إلى سنوات شبابها، إلى سن السابعة عشرة عندما يعيش الشباب سنوات الحلم والتمرّد والحب. وهذا ما فعلته هي، مثل جميع أبناء جيلها، ثم كانت الفاتورة الثقيلة عندما أعلنوا لها إصابتها بفيروس الايدز. وقد كانت في عز شبابها، وقال لها الأطباء إنها لن تعيش أكثر من ستة أشهر.

ولكنها استطاعت أن تكذّب جميع توقعاتهم التي أطلقوها باسم معرفتهم الطبية. وتقول شارلوت، إنها كشفت في كتابها الثاني: “في قلب إنسان غير معروف”، عن سر مفاده أن القلب الجديد الذي لديها كان قلب امرأة باريسية توفيت في حادث سير، وأنها تعرّفت، عبر عملية استقصاء لدى جهاز شرطة السير، على زوج صاحبته وعاشا معا، واسمه يان. وبعد صدور ذلك الكتاب كان الجميع يرددون على مسامعها السؤال التالي: “شارلوت، ماذا فعلتِ كي تستطيعي العيش بسعادة رغم كل شيء؟”.

وما تؤكده في إجابتها، أنها ترددت خلال عشرين سنة وأكثر، على الأطباء من مختلف التخصصات، وتابعت العلاج بما يسمى “الطب الهادئ”. أي الذي لا يعتمد على مواد كيميائية. كما أنها تعلن أن أكبر صعوبة واجهتها تتمثل في كونها وجدت لديها الكثير من الوقت الحر وهي التي كان تعمل طيلة الوقت. ومن ثم حددت أحد أهدافها الرئيسية في هذا الكتاب، بمساعدة أولئك الذين لا يعرفون استثمار الوقت الحر.

وتحكي شارلوت في “لا تنس أن تحبّني”، عن يان، ذلك الرجل الذي يعتقد جازما أنها تعيش بقلب زوجته التي أحبها كثيرا. ولكنها تؤكد أنها تريد أن تتحدث بالأحرى عن نفسها، بهدف محد، وهو التحدث إلى الآخرين، من الذين يعيشون معاناة حقيقية مثلها. إنها تريد أن تساعدهم على أن يميلوا دائما صوب الحياة، وذلك من خلال جمل استثنائية عن تجربتها الاستثنائية.

وهكذا نقرأ في إحدى الجمل: “عندما عانيت من الاحتشاء الثالث للقلب، وصل عدد ضربات القلب إلى 27 خلجة فقط بالدقيقة. وفي الوقت الذي كنت فيه حاملا أخذت أنظر إلى الشاشة في مواجهتي، وكنت أعرف أن ذلك يعني مغادرتي للحياة. فبماذا فكرت؟ لقد فكرت أن الحياة رائعة”.

وببساطة متناهية، تقول شارلوت فالاندري، إنه عندما تسحق الحياة البشر، يكون أمامهم الخيار بين أمرين أساسيين: فإما أن يحاولون الصعود إلى السطح، وإما أن ينتهي كل شيء. وتؤكد في هذا السياق على أهمية التفاؤل، موضحة أنها كانت متفائلة دائما، حتى عندما كانت في غرفة الإنعاش بعد إجراء أكبر عملية في العالم اليوم، وكانت تزن فقط 35 كيلوغراما “.

ولا تتردد المؤلفة- الممثلة، في إعلان أسفها كونها لم تلعب في السينما دور البطولة في فيلم “حفلات الزفات البيضاء”.

وتشير شارلوت الى أنه من أهم الدروس التي أخذتها من التجربة القاسية، الخاصة بإصابتها بفيروس الايدز، هو أنه عندما سلّمها ساعي البريد الظرف الذي يبلغها فيه مختبر التحاليل الطبية بالحقيقة، قررت بعد خمس دقائق من معرفتها ذلك أن تقبل المرض. وهكذا عاشت عشر سنوات و”كأن شيئا لم يتغيّر”. ولم يكن هناك آنذاك أي علاج للمرض. فالعلاج بدأ عمليا عام 1996.

وما تؤكده هو أنها لم تحقد أبدا على الرجل الذي نقل إليها الفيروس. ذلك أن الحقد يستهلك الطاقة التي كانت تفضل الاحتفاظ بها من أجل الحياة. المهم في الحياة، كما تقول شارلوت فالاندري، هو أن “نسامح الآخرين ونسامح أنفسنا”.

الكتاب: لا تنس أن تحبني

تأليف: شارلوت فالاندري

الناشر: شيرس ميدي

باريس 2012

الصفحات: 432 صفحة

القطع: المتوسط

Nصoublie pas de mصaimer

Charlotte Valendrey

Cherche Midi – Paris- 2012

432 .

( البيان – مسارات )

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *