الـقَـتْـلُ … دِيـنــاً


سعدي يوسف

 
منذ أمدٍ، قرّرتُ التغاضي عن متابعةِ الشأن العراقيّ العامّ، ليس لأني تخلّيتُ عن مسؤوليةٍ ما، شــخصيةٍ على أيّ حال، متّصلةٍ بالبلد وأهله، وإنما لأن هذا الشأن العراقيّ العام، سيظلّ ثابتاً، يبعث على الملال والقرف، إلى يومٍ
يُطْرَد فيه، الأوباشُ المتسلِّطون، المتحكِّمون نيابةً عن الاحتلال ، هؤلاء الذين حوّلوا جمهورية العراق، إلى جمهورية العراق الإسلامية المزوَّرة.
لكني بين حين وآخر، أتلقّى رسائل وإشارات من أصدقاء، ومعارفَ، في البلد، تُعينني في أن ألـمُسَ جانباً ممّا يحدثُ يوميّاً.
آخر رسالة تلقّيتُها كانت من شاعرٍ في محافظةٍ جنوبية، يقولُ فيها :
سابقاً، كنا نعرف البعثيّ، ورجل الأمن، فنتصرّفُ كما يلزم لضمان سلامتنا.
أمّا الآن، فهناك العشرات من الميليشيات الإسلامية ؛ فلم يَعُدْ بمقدورنا معرفة طريق السلامة …
أمسِ تلقّيتُ رسالةَ تهديدٍ جديدة .
لكن هذه الرسالة تختلف عن سابقاتها :
هذه الرسالة فيها رصاصة !
لم يطلبْ مني الصديق أن أفعل شيئاً .
ربما لأن الفعلَ لم يَعُدّ مُجْدِياً، في هذه الـمَـقْـتـلـةِ، المسمّاةِ عراقاً .
إلاّ أنني لم أستطع التغاضي عن المحنة اليومية لمئات من المبدعين العراقيين، الذين يعيشون تحت الخطر الدائم،
بالرغم من صمتهم .
رصاصةٌ في رسالة.
رصاصةٌ في مؤخّرة الرأس .

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *