كتاب عن ” الحكيم عمر الخيام ” وترجمة رباعياته

(ثقافات)

 

كتاب عن ” الحكيم عمر الخيام ” وترجمة رباعياته

د. فاطمة الصمادي

“الحكيم عمر خيام ..الرباعيات” ، كتاب صدر باللغة الفارسية للمفكر المرحوم كاظم برقنيسي ، وهو عمل بحثي يتجاوز مجرد الحديث عن الشاعر والفليسوف عمر الخيام ورباعياته التي شغلت العالم ، فهو في واقعه يشكل عملية تقصي لصحة الكثير من الرباعيات التي نسبت لهذا الشاعر، اضافة الى انه يقدم شرحا للمعنى والدلالات التي تضمنها شعر الخيام ، ويعيد ترجمة الترجمة التي قدمها فيتزجرالد للرباعيات من الانجليزية الى الفارسية .

الخيام ..صورة واضافات

وكنت تحاورت مع الأستاذ برقنيسي في طهران قبل وفاته بشأن هذا المؤلف الهام، و أود أن أشير هنا إلى أن الكتاب يستمد قيمته من المكانة التي حازها الأستاذ برقنيسي نفسه ، فترجماته ومنها ترجمة كتب ادونيس من العربية إلى الفارسية ، تدرس في الجامعات كنماذج لبراعة الترجمة.

وبرقنسي أيضا يعد من أبرز المحققين في الأدب الفارسي في إيران ، وله مؤلفات هامة تتناول شعر سعدي وحافظ الشيرازي اضافة إلى غزليات شمس التبريزي، وغيرها من الآثار.

يرى برقنيسي ان ما نعرفه عن حياة عمر الخيام قليل جدا، وماتقدمه المراجع التاريخية القديمة لايجيب على الكثير من الأسئلة ، وكان رحمه الله يعتقد أن الصورة الاولى التي رسمت للخيام جاءت في النصف الاول من القرن السادس الهجري اي بعد نصف قرن من وفاته ، وان الكثير من الاضافات والألوان اضيفت لرسم صورته في القرن التاسع الهجري.

حاول برقنسي من خلال بحثه هذا الاجابة علي سؤال نصه : لماذا احدثت كل تلك الاضافات على صورة الخيام واشعاره.

وبعد ان يبحث المؤلف في حياة الخيام مستندا للكثير من المراجع التاريخية يخصص القسم الثاني من الكتاب للرباعيات المنسوبة للخيام مع شرح للكلمات والمعاني، ويسير البحث هنا في مسارين ، الأول يركز على الرباعيات التي يرجح برقنيسي انها من نظم الخيام وهي الرباعيات التي وردت في كتب ومراجع ذكرت الخيام قبل القرن التاسع الهجري ، والمسار الثاني يورد رباعيات يستبعد برقنيسي ان يكون الخيام من نظمها ، وخاصة تلك التي حملت الحادا، فالخيام كما يؤكد برقنيسي” شخص حكيم مؤمن”.

600 رباعية

و هذا التحقيق يعيد الخيام والرباعيات الى اطار البحث والمراجعة ، واشتمل على 600 رباعية تنسب للخيام وتمت محاكمة صحتها بالاستناد الى بحث تاريخي يدقق في الكثير من الجوانب اهمها قوالب الشعر وشكله في الفترة التي عاش فيها الخيام وخاصة القافية، فبعض الرباعيات لا يمكن ان تكون من نظم الخيام ، لأنها وبوضوح لاتحمل ميزات شعر ذلك العصر بل يمكن القول انها تحمل خصائص شعر الفترة التي تلت وفاة هذا الشاعروخاصة القرن التاسع الهجري، ولذلك فهي نسبت الى الخيام زورا لا حقيقة ، كما تتم المحاكمة من خلال انسجام تلك الرباعيات مع شخصية الخيام نفسه كفيلسوف يمتلك نظاما فكريا يناسب فلسفته.

خيام فيتزجرالد

وخصص القسم الثالث من هذا البحث الضخم لاعادة ترجمة رواية فيتزجرالد لرباعيات الخيام من الانجليزية الى الفارسية ، ويذهب ناشر الكتاب محمد علي مقدم الى القول بان “خيام فيتزجرالد” تم بناؤه ضمن القالب الأوروبي الذي يتناسب مع القرن التاسع عشر، وقام فيتزجرالد بعكس رؤيته للعالم وفكر العصر الذي عاش فيه على الخيام، ولذلك فان السعادة التي يقدمها فيتزجرالد تتناسب وطرح النظام الرأسمالي الذي يحصر معناها في الرفاه ، ومن ادلة ذلك المعنى الذي اعطاه فيتزجرالد لكلمة الشراب كمظهر للحرية الفردية.

ما يميز هذا المؤلف اضافة الى الجهد البحثي ، الطباعة الانيقة وكتابة الرباعيات بخط الخطاط الايراني المعروف عباس صديق ، واخراج الصفحات بصورة فنية جميلة وتذهيبها بطريقة الميناتور وهو عمل قام عليه الفنان الايراني اردشير تاكستاني.

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *