هارولد بلوم يتعمق في كيفية التقاط المعنى العميق للشعر


سلمان كاصد

يتساءل الكاتب والناقد الأميركي هارولد بلوم في كتابه “فن قراءة الشعر” الذي ترجمه إلى العربية الدكتور باسل المسالمة، هل للشعر قوانينه الخاصة؟ وكيف نفهمه ونتذوقه؟.

وربما تعود هذه الأسئلة إلى اجتراحات نقاد وشعراء قالوا بالمعنى ذاته، حيث طرح ارشيفالد ماكليش سؤالاً عن الشعر كيف نفهمه ونتذوقه؟ بترجمة سلمى الخضراء الجيوسي، وتساءل عن غموض الشعر جان كوكتو، وربما أراد غير هؤلاء أن يعرفوا الشعر أو يدخلوا إلى كنهه، ولم يستطيعوا أن ينفردوا باكتشاف ما لا يمكن اكتشافه.

يحاول هارولد بلوم أن يدخل نفق الغموض الشعري من خلال السؤال عن كيفية قراءة الشعر، بوصفه فناً، لا عن تعريف الشعر، وإنما هو بذلك يقترب من ماكليش.

هذا هو بلوم صاحب نظرية “قلق التأثر”، حيث سلط الضوء على علاقة الشاعر بأسلافه.

في هذا الكتاب “فن قراءة الشعر” الصادر عن دار التكوين في دمشق، لا يقدم بلوم إضاءات نقدية على شعر الشعراء، بل يضع بين أيدينا رؤية موضوعية جديدة للشعر المبدع، لهذا يريد أن يضع لنا أسس قراءة الشعر من خلال قراءة بعض قصائد النخبة.

ونتساءل ثانية، هل أراد هارولد بلوم تفسير القصائد، أم تحليلها، أم عرض دلالاتها، أم إيضاح غموضها، أم البحث عن الدوافع السيكولوجية التي جعلت الشاعر ينظم قصيدته بشكل معين.

يقترب الناقد هارولد بلوم في تحليلاته النقدية من محاولة للمزج القوي بين النظرية النقدية ونظرية التحليل النفسي الفرويدية “نسبة إلى سيجموند فرويد”، ولهذا فإنه يحاول تقديم ملاحظات على اللغة الشعرية والكلمات التي ينتخبها الشاعر، ولهذا فإن بحثه ينصب على الطريقة التي يجترحها الشاعر للربط بين الكلمات ومدلولاتها الثقافية والاجتماعية والأدبية.

إن كتاب “فن قراءة الشعر” ليس كتاباً، وإنما هو درس في تعلم قراءة هذا الفن باكتشاف الوسائل والتقنيات التي يستعملها الشاعر في نسج قصيدته، ويقصد بها الوسائل البلاغية مثل الاستعارة والسخرية والتلميح، وربما بحسب مترجم الكتاب باسل المسالمة أن الكناية هي جزء من لعبة الشاعر الذي يحاول هارولد بلوم أسوة بالاستعارة أن يكتشفها، غير أن هناك من يستبعد الكنائية عن الشعر لكون الشعر بنياناً استعارياً بامتياز، وذلك بحسب ياكوبسن في محورية التعاقبي والتزامني.

ولا يخفى ما نجده في القصيدة من عناصر أخرى، مثل الصورة الشعرية والرمز والكثافة والمجاز، وما تحتاج من استيضاح لا بد من الوصول من خلاله إلى بنية تلك العناصر.

يرى هارولد بلوم أن الشعر بشكل جوهري لغة مجازية، أي الابتعاد عن الحرفية، أي تحويلاً من المعنى الحرفي إلى المعنى المجازي، ويصل بلوم إلى ما قاله ياكوبسن في استعارية لغة الشعر، ولكن الاستعارة، بحسب بلوم، مجاز بالغ الخصوصية أو محول من المعنى الحرفي.

ويرى بلوم أن كينث بيرك وهو من الباحثين المتعمقين في علم البلاغة أو لغة المجاز قد ميز بين أربع عبارات مجازية أساسية، وهي “التعبير الساخر والمجاز المرسل والكناية والاستعارة”.

ويرى بيرك أن التعبير الساخر يلزم من يستعمله من الشعراء في قضايا الوجود “الحضور” والغياب في القصيدة، أما المجاز المرسل فهو مفهوم الرمز ويوحي البديل المجازي للجزء بدلاً من الكل بعد الاكتمال.

ويجد بيرك في الكناية تجاوراً يأخذ مكان التماثل وفي الاستعارة التداعيات العادية من كلمة لأخرى.

اشتغل هارولد بلوم في كتابة “فن قراءة الشعر” تطبيقاً على شعر هارت كرين وشكسبير، وت. س اليوت واي اي هاوسمان وبن جونسون وأدون وشيلي، وغيرهم الكثير.

 

– عن الاتحاد

شاهد أيضاً

فصل من سيرة عبد الجبار الرفاعي

(ثقافات)                       الكاتب إنسان مُتبرع للبشرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *